أيام قليلة تفصلنا عن بدء حملة الـ ١٨ يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة هذا الشعار الذي يحمل من المضامين الشيء الكثير ويأخذ ألواناً مختلفة من النشاطات والاحتفالات واللقاءات وورش العمل حسب مؤسسات ومنظمات كل دولة.
لقد قيل الكثير عن أصناف العنف، أسبابه ومشاكله وأساليب علاجه، لكن على أرض الواقع من الصعب معالجته بالطرق المثلى فهناك اختلاف في التربية والعادات والتقاليد والقوانين المجحفة لحقوق المرأة في بعض نصوصها، لاسيما قانون الأحوال الشخصية وغيره.
فالعنف اللفظي، والأسري، والمعنوي الممارس على النوع الاجتماعي لم يعد حديث الساعة في كل مناسبة كما جرت العادة سابقاً بل تعداها إلى أبعد من ذلك بكثير، بعدما فتكت الحرب العدوانية وأدواتها الإرهابية بكل المعايير والقيم الاخلاقية.
فهل هناك أكثر عنفاً من أن يهجر ويقتلع المرء والأسرة من المكان الذي عاشوا فيه ونشؤوا وتربوا، حيهم، وبيتهم، وأرضهم، وجذورهم، وأن يقطع عن العائلات الماء والغذاء والدواء كما يفعل الاحتلال التركي البغيض في الشمال السوري كل يوم، وقبله المجموعات الإرهابية في المناطق التي كانت تتواجد فيها ومارست أبشع صور العنف والقهر بحق النساء والأطفال والشباب وكبار السن.
أي عنف أقسى حين يجبر المرء على اعتناق عقيدة غير عقيدته أو إجباره على القيام بأعمال دموية وتخريبة كأن يقتل أمه وأخته ويحرق أطفاله.
أي عنف ذاك الذي قطع آلف الأميال ليصدر لنا بشاعته وقسوته وتشويه صور النساء وأبنائهن.
لعل المجتمعات التي عانت وتعاني ويلات الحروب فقد تحتاج إلى المئات بل ربما الآلاف من حملات التوعية والتي تعيد بعضاً من الاطمئنان والشعور بالأمان للنفوس التي أرهقها فعل الجهل، وقلة الوفاء والانتماء لوطن وتاريخ وهوية وجغرافية تميز كل منا عن الآخر.