لضرورة الغناء

 

قالت وأنا أردد بيت شعر لحنه الرحابنة وغنته فيروز:

من أين أتيت بكلمة تَعجَب، هي ليست كذلك؟

عدنا إلى النص الأصلي للقصيدة التي اختلفت المراجع في اسم ناظمها، فوجدناه:

دع عنك ذا السيف الذي جرّدته عيناك أمضى من مضارب حدّه

إذاً هي (دع عنك) لا (تَعجَب) كما كنت أرددها، ربما هو التباس في السمع يبرره كون الرحابنة سبق أن عدّلوا في الشعر الموروث، بما يجعله أقرب إلى المتلقي، وأكثر انسجاماً مع الإرث الرحباني، ففي واحدة من أجمل أغاني (الأندلسيات) المأخوذة من قصيدة نظمها الشاعر والفيلسوف والطبيب والوزير الأندلسي لسان الدين بن الخطيب الذي لُقّبَ بذي الوزارتين: الأدب والسيف، ونـُقِشت أشعاره على جدران قصر الحمراء بغرناطة، في هذه الأغنية وردت الأبيات الثلاثة الشهيرة التي تقول:

جاءت مُعذّبَتي في غَيهبِ الغَسَقِ كَأنّها الكَوكَبُ الدريُ في الأُفُقِ

فَقُلتُ نَورتِني يا خَيرَ زائِرَةٍ أما خَشيتِ مِنَ الحُراسِ في الطُرُقِ

فَجاوَبتني ودَمعُ العَينِ يَسبِقُها مَن يَركبِ البَحرَ لا يأمن من الغَرَقِ

أبدل الرحابنة كلمة لا يأمن بكلمة لا يخشى لضرورة اللحن، وجرياً على عادتهم في تجنب الوصف الحسّي، فقد ألغوا البيت الرابع الذي يقول:

قَبلتُها قَبلتني وهي قَائِلةٌ قَبّلتَ خَدي فلا تَبخَل على عُنُقي

وإذا كان اسم صاحب هذه الأبيات معروفاً (وخاصة بالنسبة للمهتمين بالشعر العربي)، فإن قلائل ربما يعلمون أن الصوت الرخيم الذي يتلو الأبيات في مطلع الأغنية هو صوت عاصي الرحباني، وربما أن قلائل أيضاً يعرفون أن هذه الأغنية ليست من ألحان الرحابنة – كما يرد في كثير من المواقع الالكترونية – وإنما من إبداع الملحن السوري الكبير محمد محسن، وهي إحدى أربع أغانٍ من الشعر العربي التقليدي لحنها لها إلى جانب (سيد الهوى) من كلمات الأخوين رحباني، (لو تعلمين) لجميل بثينة (أحب من الأسماء) لقيس بن الملوح، و (ولي فؤاد)، وقد اختار لها الرحابنة توليفة من أبيات منتقاة من قصائد رائعة، فالبيتان الأوليان:

ولي فؤادٌ إذا طال العذابُ بهِ هامَ اشتياقاً إلى لُقِيا مُعذِّبهِ

يفديك بالنفس صبٌ لو يكون لهُ أعزُّ من نفسهِ شيءٌ فداكَ بهِ

هما من قصيدة للشاعر الوأوأ الدمشقي

والبيتان التاليان:

وكنتَ وعدتني يا قلبُ أنّي إذا ما تُبْتُ عن ليلى تتوبُ

فها أنا تائبٌ عن حُبِّ ليلى فمالكَ كلّما ذُكرَت تذوبُ

تنسبهما بعض المصادر إلى الشاعر والموسيقي السوري ميخائيل بن خليل خيرالله ويردي، وتنسبها مصادر غيرها إلى قيس بن الملوح.

أما البيتان الأخيران

نبكي على الدُنيا وما من معشرٍ جمعتهمُ الدُنيا فلم يتفرّقوا

وعَذلتُ أهلَ العشق حتّى ذُقْتُهُ فعجبتُ كيف يموتُ من لا يعشقُ

فهما من نوادر شعر الغزل التي نظمها المتنبي

وقد شارك في المشروع الرحباني ملحنون مجيدون آخرون، مثل: زكي ناصيف، وفيلمون وهبي، ونجيب حنكش الذي لحن (أعطني الناي وغني) رغم أن حنكش لم يكن ملحناً، ولا عارفاً بكتابة النوطة الموسيقية، لكنه صاحب إحساس لحني عميق أدركه عاصي فطلب منه تلحين قصيدة جبران الساحرة ونجح كلاهما في الرهان.

 

آخر الأخبار
نور الملامح وظل الوقت في لوحات "رامبرانت" بيت ياشوط عطشى.. "مياه اللاذقية: لدينا حلول إسعافية مهرجانات وهران السينمائية "أفراح الكرامة" تحتفي بالمواهب الشابة اللهجات السورية.. لوحة فسيفسائية حيّة تُوحّد القلوب الإعلان عن تأهيل مشفى معرة النعمان و5 مراكز صحية أخرى قرار وقف استيراد السيارات المستعملة..خطوة تجاه تجديد أسطول الآليات   تعاف جديد للقطاع الصحي بانطلاق تأهيل مستشفى معرة النعمان الوطني اجتماع تنسيقي لوضع اللمسات الأخيرة على المركز الوطني لمكافحة الألغام في سوريا جسور سوريا .. دمرها النظام المخلوع والفرنسيون سيؤهلونها  37 جسراً بأيدي " ماتيير " الفرنسية  الإرث الثقافي السوري العالمي يحتل ريادة  الحضارات إعادة رسم خريطة الإدارة المالية... قانون جديد قيد التشكل سمفونية رائعة الألحان.. سوريا من أغنى الدول بتداخل ثقافاتها تكريم رواد "الوفاء لحلب".. تكافل شعبي يعيد الحياة للمدينة محولة كهربائية جديدة لمركز العريضة في جبلة بسعة 2000 ك.ف.أ ملف العهد الشخصية على طاولة "المالية" و"الرقابة"… والحل قيد الإقرار تصريحات المعنيين .. ورواتب السوريين! تعافي حلب الاقتصادي يتسارع.. تعاون جديد بين غرفة التجارة وولاية مرعش الشيباني يبحث مع مبعوثة المملكة المتحدة تعزيز العمل المشترك دعم لليرة ... " المركزي" يلزم المصارف بإعادة مبالغ التأمين بالليرة السورية