رغم السنين الطويلة التي مرت على النكبة العربية في فلسطين، ورغم استمرار مأساة التهجير والتشتت التي يعيش مرارتها ملايين الفلسطينيين في الشتات بجميع أصقاع الأرض، تبقى ذاكرة الفلسطيني وقّادة وتنتعش كل مطلع شمس بأن حلم العودة سيتحقق حقيقة على أرض فلسطين عاجلاً أم آجلاً، وإن لم يكن ذلك وفق الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي ملأت أدراج المنظمة الأممية وأصبحت بالمئات، فهو سيتحقق حتماً بالكفاح المسلح والمقاومة التي تثبت كل يوم بأنها اللغة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال الصهيوني العنصري.
واليوم وبعد 74 عاماً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الخاص بحق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها قسراً تحت المجازر والمذابح التي نفذتها العصابات الصهيونية بدم بارد بإشراف بريطاني مباشر ودعماً متواصلاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من الولايات المتحدة الأميركية والغرب، فإن أكثر مايقض مضجع الصهاينة على الدوام هو تمسك الفلسطينيين بحق العودة وتوارث هذا المطلب المشروع من جيل إلى جيل، وبهذا تأكد للكيان الصهيوني أن مقولته (الكبار يموتون والصغار ينسون) لم تصدق في السابق ولن تتحقق في قادم الأيام والأعوام.
فالكبار الأوائل قارعوا الاحتلال وواجهوا آلته العسكرية المدمرة بصدور عارية وغرسوا قبل أن يموتوا في نفوس وعقول أبنائهم حب تراب فلسطين من بحرها إلى نهرها وهيؤوهم لمقاومة المحتل تحت كل الظروف لاسترجاع حقوقهم المشروعة في الأرض والحضارة والتاريخ.
وهاهم الصغار الذين توهم الاحتلال أن تنسيهم السنون قضيتهم يدافعون اليوم بكل قوة وإصرار عن عروبة فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، وعرين الأسود وكتيبة جنين وكل المقاومين على أرض فلسطين يثبتون بالدليل القاطع أنهم ماضون في مواجهة قوات الاحتلال ومستوطنيه حتى تحقيق التحرير، متسلحين بإيمانهم المطلق بعدالة قضيتهم وحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها في كامل الجغرافيا الفلسطينية.
وسيبقى مفتاح العودة الفلسطيني رمزاً وطنياً أصيلاً يتمسك به الفلسطينيون جيلاً بعد جيل كجزء من الوطن، وسيفتح هذا المفتاح عندما تتوازن القوى الدولية بقوة الحق والقانون والمقاومة كل الأبواب الدولية الموصدة بوجه الحلول السياسية المبنية على مئات القرارت الأممية وفي مقدمتها القرار رقم 194 لعام 1948 ، وعندها سيتحقق على الأرض العربية الفلسطينية حلم الآباء والأجداد الكبار بيد الأحفاد الصغار.