الثورة – عبد الحميد غانم :
بعد رفع أسعار الكهرباء بنسبة بلغت 600 بالمئة وتزايد الضغوط على ميزانية الأسر، بدأ اهتمام المواطنين يتجه نحو الطاقة الشمسية كبديل يمكن الاعتماد عليه للاستخدامات المنزلية والتجارية، بهدف الحدّ من الأعباء المعيشية، في حين يواجه آخرون ارتفاع تكلفة منظومة الطاقة ذاتها.
أمام محل متخصص بالطاقة البديلة في ريف دمشق، بدا المواطن أحمد معروف، مستغرقاً في التفكير وهو يعاين الألواح الشمسية ويسأل عن الأسعار، وقال لصحيفة “الثورة” :إن خوفه من ارتفاع تكاليف الكهرباء بعد إعلان التعرفة الجديدة دفعه إلى البحث عن بدائل.
وفي محل آخر، لم يكن المواطن إبراهيم الأسعد أفضل حالاً، وهو يقارن بين تكاليف الطاقة المتجددة والأعباء المستقبلية المتوقعة من فواتير الكهرباء، كما قال لـ”الثورة”.

طلب متزايد
ولفت صاحب محل متخصص بالطاقة، عبدو.ز ، إلى أن السوق تشهد إقبالاً متزايداً على الألواح الشمسية، مع اهتمام المواطنين بالتعرف على التكاليف والمواصفات، ما يعكس تنامي الطلب على الطاقة البديلة بعد زيادة التعرفة الكهربائية.
وأكد المهندس العامل في مجال الطاقة المتجددة، محمد إبراهيم، في حديثه لصحيفة “الثورة”، أن ارتفاع فواتير الكهرباء دفع غالبية المواطنين إلى التفكير جدياً في تركيب أنظمة شمسية، متوقعين أن تخفف هذه التقنية من عبء الفواتير الشهرية.

تكلفة موازية
وأوضح المهندس محمد خالد غانم، أن تركيب منظومة شائعة المواصفات (عاكس “إنفرتر” 6 كيلو واط، بطارية ليثيوم 15 كيلو واط ساعي، وستة ألواح تنتج 3.6 كيلو واط) يكلف نحو 2400 دولار وسطياً، تشمل النقل والتركيب.
وأضاف أن هذا المبلغ يعادل قيمة فواتير الكهرباء لمدة أربع سنوات (إذا كانت قيمة الاستهلاك تبلغ 50 دولاراً شهرياً)، لافتاً إلى أن العمر الافتراضي لمنظومات الطاقة يتراوح بين 10 و15 عاماً، ما يجعل فترة استرداد رأس المال قصيرة مقارنة بعمرها التشغيلي.
ويعتقد غانم أن التوسع الشعبي في تركيب هذه الأنظمة سيساهم في إيجاد بيئة تنافسية تقلل الأسعار، وتسرّع استرداد التكلفة لتصبح ثلاث سنوات فقط، ما يجعل الاستثمار في الطاقة الشمسية تحويلاً للمصروف المستمر إلى أصل مولّد للوفرة.

تحديات قائمة
ورأى أمين سر الجمعية السورية للطاقة المتجددة ، وتغيير المناخ والبيئة والموارد الطبيعية، عبدو الخطيب، أن ارتفاع أسعار الكهرباء سيؤثر بشكل كبير على سوق الطاقة البديلة، لكنه أشار إلى احتمال مواجهة المواطنين ارتفاع أسعار مكونات أنظمة الطاقة الشمسية أيضاً.
وشدد على ضرورة توفير حلول بأسعار مناسبة للمواطنين، مع توعية المستهلك بكيفية استخدام الأنظمة الكهربائية التقليدية والمتجددة بكفاءة، لتجنب تحويل الحل إلى عبء إضافي.
وتشير الجمعية إلى أهمية برامج التدريب والتوعية التي تستهدف طلاب كليات الهندسة والخريجين والمهندسين، لتطوير القدرات الوطنية في قطاع الطاقة المتجددة، واصفة هذا القطاع بأنه “لغة العصر” التي يتجه إليها العالم بأكمله.
معادلة صعبة
واعتبر الخطيب أن رفع أسعار الكهرباء لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، مضيفاً: “القرار واقعي من وجهة نظر وزارة الكهرباء، لكن دخل المواطن غير واقعي”، في إشارة إلى ضعف القدرة الشرائية.
وقال: إن “ارتفاع تكلفة الكهرباء فتح الباب أمام خيار الطاقة المتجددة، الذي يراه المواطنون طوق نجاة من غلاء المعيشة. لكن نجاح هذا التحول يعتمد على معادلة صعبة: توفير حلول بأسعار مقبولة، وتوعية المستهلك بكيفية التعامل مع هذه التقنيات، لتصبح جزءاً من الحل وليس من المشكلة”.