الثورة – لقاء عبد الحميد غانم:
شكل الجولان العربي السوري محطة هامة عبر التاريخ، وشهدت أرضه انتصارات عربية كبيرة خلدها التاريخ نظراً لموقعه الاستراتيجي الهام، فالجولان بتضاريسه الجغرافية وموقعه المتميز باعتباره المثلث الذي يربط سورية وفلسطين ولبنان، شهد أهم المعارك البارزة في تاريخ العالم، مثل معركة اليرموك التي انتصر فيها المسلمون على الإمبراطورية البيزنطية، وكانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، ومعركة حطين التي انتصر فيها العرب بقيادة صلاح الدين على الصليبيين وكانت فاتحة تحرير بيت المقدس، ومعركة حرب تشرين التحرير بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد التي استطاعت أن تحرر القنيطرة عروس الجولان، وشكلت إلهاما لأهالي الجولان في القسم المحتل لمواصلة المقاومة ومواجهة الاحتلال وإجراءاته القسرية ورفضه قرار الضم والهوية الإسرائيلية.
“الثورة” التقت بمناسبة ذكرى قرار الضم الإسرائيلي المشؤوم للجولان المحتل، الدكتور عمار النهار أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة دمشق رئيس قسم التاريخ السابق في كلية الآداب، الذي أكد أهمية الجولان السوري في الصراع العربي الصهيوني، كونه يحمل صفة الاستمرار البشري لسكان سورية منذ القدم، أي منذ وجود الإنسان في هذه المنطقة، بدءاً من القبائل العربية التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية وسكنت بلاد الشام، وخاصة الجولان لما يتمتع به من بيئة جميلة وتربة خصبة ومناخ عليل وأرياف خضراء وأنهار وينابيع كان جاذباً للقبائل العربية التي تأصلت في ذلك المكان.
وأشار الدكتور النهار في حديثه، إلى أن العموريين الذين قطنوا الجولان في الألف الثالثة قبل الميلاد أقاموا حضارة وإنجازات كبيرة في هذه المنطقة، كما سكنها الآراميون في الألف الثاني ثم الألف الأول قبل الميلاد وأقاموا هناك، وتواصل الوجود العربي البشري والقبائل العربية الأصيلة في الجولان بعد ذلك في التاريخ الإسلامي خلال عهد الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم، وعصر الخلفاء الراشدين، وفي العصور التي تلته، العصر الزنكي ثم العصر الأيوبي فالمملوكي، فهذه العصور تشهد على أن العرب والقبائل العربية الأصيلة ظلت قاطنة بهذه المنطقة.
ونوه الدكتور النهار بأن الجولان شهد أحداثاً هامة عبر التاريخ، وشكل موقعاً استراتيجياً للأيوبيين والزنكيين، حيث اتخذوه مكاناً لمعسكرات جيوشهم، لما يتمتع به الجولان من حصون ومكان استراتيجي يعزز من قوة الجيش.
ولفت الدكتور النهار إلى أن الجولان شهد حركة ثقافية وعلمية وعرف الكثير من العلماء التي عاشت في ظهرانيه، كحال باقي المحافظات السورية.
وقال: إن كل ذلك يثبت أن الجولان عربي سوري، وأنه طوال تاريخه تميز بوجود بشري عربي سوري جولاني، ولم ينقطع هذا الوجود منذ آلاف السنين وإلى اليوم، فكل إدعاءات العدو الإسرائيلي حول الجولان ومحاولة ضمه إلى كيانه الغاصب المحتل وجعله أرضاً إسرائيلية باطلة تاريخياً وقانونياً ودولياً، والقرار الإسرائيلي بضم الجولان قرار باطل ولاغ قانونياً وشرعياً.