الثورة – ترجمة: رشا غانم:
في الحادي عشر من كانون الأول، قصفت قوات حكومة طالبان في أفغانستان بلدة عبر الحدود في باكستان ما أسفر عن مقتل سبعة مدنيين باكستانيين، حيث ردّت باكستان بالمثل، ما أسفر عن مقتل أحد مقاتلي طالبان وإصابة 10 أفغان.
من جهته، أدان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف القصف غير المبرر من قبل القوات الأفغانية.
وفي 15 كانون الأول، تبادل الجانبان نيران المدفعية عبر الحدود، ما أسفر عن مقتل مدني باكستاني واحد على الأقل وإصابة 15 آخرين، حيث أنّ باكستان وطالبان في حالة حرب تقريباً، وبينما ينشغل تركيز العالم بأكمله على الأحداث التي تجري في أوكرانيا، لم يتم الإبلاغ عن العنف في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، على الرغم من تزايد احتمالية وقوع كارثة خطيرة يوماً بعد يوم.
عندما استولت طالبان على كابول العام الماضي، أطلق حكام كابول الجدد سراح أعضاء طالبان الباكستانية المعروفين باسم تحريك طالبان باكستان الذين كانوا مسجونين في السجون الأفغانية نفس الأشخاص الذين أمضوا سنوات في شن حرب على الحكومة في إسلام أباد، كما رفضت الحكومة الجديدة في كابول بشكل واضح قبول الحدود الباكستانية الأفغانية التي رسمها الحكام الاستعماريون البريطانيون منذ أكثر من قرن.
لم يكن أي من هذا مفاجأة للأشخاص والصحفيين الذين تعاملوا مع طالبان على مدى عقود، حتى قبل سقوط كابول.
كان ينبغي أن يكون الأمر واضحاً لجميع المعنيين أن طالبان الأفغانية تلعب لعبة مزدوجة مع باكستان والولايات المتحدة، وتحدثت صحيفة واشنطن بوست عام 2021 عن اتصالات سرية بين طالبان الأفغانية وخصم إسلام أباد اللدود الهند، وسارعت المؤسسة الأمنية الباكستانية إلى التعبير عن استيائها، ولسوء الحظ، تحققت التوقعات بشأن طالبان بعد سقوط كابول.
لقد خدعت طالبان رئيس المخابرات الباكستاني آنذاك الجنرال فايز حميد، الذي سافر إلى كابول العام الماضي بعد الانسحاب الأمريكي وأكدّ لوسائل الإعلام أنه لا يوجد ما يدعو للقلق، لكنّه كان مخطئاً، لقد حاول إرضاء طالبان الأفغانية من خلال إطلاق سراح العديد من أعضاء طالبان الباكستانية المعروفين باسم تحريك طالبان باكستان.
لكنّ أعضاء طالبان الباكستانية ظلّوا يصرون على أن تفعل باكستان المزيد، حيث زار الجنرال حميد كابول مرة أخرى هذا العام، لإقناع طالبان الأفغانية بالتوسط في اتفاق سلام مع تحريك طالبان باكستان، ولكنّه فشل.
زادت الهجمات الإرهابية في باكستان بنسبة 51 بالمئة منذ استيلاء طالبان على السلطة، واستخدمت باكستان القوة الجوية والطائرات دون طيار ضد المتمردين.
كما زار وزير الخارجية الباكستاني الأخير بيلاوال بوتو زرداري العديد من البلدان في الأشهر الثمانية الماضية، ولم يقم بعد بزيارة كابول، وأرسل نائبته وزيرة خارجية الدولة هينا رباني خار إلى كابول قبل أسابيع قليلة، وكانت أول وزيرة تحاول إجراء محادثات مع طالبان، لكنّ وزير دفاع طالبان الابن الأكبر لزعيم طالبان الأفغاني محمد عمر في أفغانستان رفض مقابلتها.
في 29 تشرين الثاني الماضي، تولى الجنرال عاصم منير منصب القائد الجديد للجيش الباكستاني، وفي اليوم التالي، قُتل أربعة مدنيين في تفجير انتحاري في باكستان، وأعلنت أعضاء طالبان الباكستانية مسؤوليتها، وكانت الأصول الاستراتيجية السابقة ترسل لهم رسالة مكتوبة بالدم.
تتحدى طالبان الأفغانية باكستان، ويعتقد أعضاؤها أنّه يمكن هزيمة قوة نووية مثل باكستان، وما فشلوا في الاعتراف به هو أنه، وفقاً لبيانات البنك الدولي، أصبحت أفغانستان الآن واحدة من أفقر البلدان في العالم، إنّهم بحاجة إلى هزيمة الفقر وليس باكستان.
تحتاج باكستان إلى سياسة أفغانية جديدة، ربما سياسة قائمة على عدم التدخل وإعادة تقوية الحدود للحد من الهجمات عبر الحدود، والأهمّ من ذلك، أنه يجب صياغته من قبل القادة المدنيين في البرلمان، وليس في مقر المخابرات العسكرية، وخلاف ذلك، من المرجح أن يكون عام 2023 عاماً خطراً على العلاقات الباكستانية الأفغانية.
لقد أدت الأحداث في أوكرانيا إلى تحويل الانتباه عن الصراع المتصاعد بين باكستان وأفغانستان، ومع ذلك، فإن التوترات بين البلدين تستحق المتابعة والتغطية أيضاً، فلديها القدرة على إحداث كارثة جديدة في جنوب آسيا عندما لا تستطيع المنطقة تحملها.