الثورة- يحيى الشهابي:
تتباين ثقافات البشر ومورثاتهم الحضارية واختلاف بيئاتهم،مما يجعلهم يصدقون تفسيرات بعض الظواهر العلمية سواء أكان ذلك حقيقة أم كذبا، أو لربما كان مصدراً للشك والريبة.
فالبعض أخذه كحقيقة لانقاش فيها في زمن مضى حتى جاء العلم الحديث وأثبت عدم صحته، حيث لااساس علميا يدعمه او يرتكز عليه، والبعض الآخر أصبح حقيقة لاتقبل الشك بفضل التقنيات الحديثة التي أصبحت في متناول اليد ولتبين حقيقتها بعدما سيطرت فيها الخرافة على عقول الكثيرين واستغلها الجهلة والدجالون كي يجنوا من تجارتها ثروة.
*سباق مرئي
اليوم وبمناسبة الأعياد ونهاية السنة الميلادية تتسابق المحطات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي في عرض لهؤلاء من ذكور وإناث ليقدموا للجمهور كل صنوف الشعوذة التي فيها الكشف عن المستقبل ومايجري في الحاضر من أمور مجهوله ومافي ذلك من أمور روحانية تندرج ضمن التنجيم.
الدكتور علي موسى استاذ علم الفلك في جامعة دمشق قال عن ذاك في كتابه حقائق وأكاذيب:
لاشك ان فئة من صناع كلام النجوم يدركون بعضاً من الحقيقة العلمية ويتعامون عن بعضها الآخر الذي قادهم إلى صناعة بلا رأس مال عقلي ومادي، وبالمحصلة لايصدقون أبداً وهذا معنى المثل (كذب المنجمون ولو صدقوا) فحتى لو صدقت بعض اقوالهم فهي توقعات تطلق عادة بالعموم لا بالخصوص لأن النجوم قالت ذلك..او لأن الكواكب ارتأت ذلك او لأن الكسوف والخسوف أرادت ذلك او لأن ظهور المذنب وغيره في السماء فعلا ذلك ومما يدل على جهلهم بعض الأمور التالية:
*حقائق علمية
الحقيقه الأولى هي أن الشمس في حركتها المدارية الظاهرية حول الأرض كما تبدي ذلك لاتمر باي نجم من النجوم ولاباي تجمع نجمي، والمسافة بينها وبين أقرب نجم إليها تبلغ ٤،٣سنوات ضوئية.
ثانيا: ان أوقات الدخول والخروج الظاهرين للشمس من الصور السماوية النجوم (البروج ) متغيرة عبر الزمن، بيد ان المنجمين يتعاملون معها كأوقات ثابتة كما حددها القدماء في الألف سنة السابقة للميلاد من خلال ملاحظاتهم العينية ولايزالون يتعاملون معها رغم تغيرها بشكل كبير بسبب الحركة المزروعية لمحور الأرض بنصف زاوية ٢٣درجة و٢٧ دقيقه مكملا دورة كل ٢٦ الف سنه مما يجعل الأبراج بالنسبة لنا تنزاح نحو اليسار سنويا نحو واحد على ٢٦٠٠٠ درجة.
وثالثاً: لاتأثير مطلقا للنجوم على الإنسان بأبعادها الكبيرة عنا وعن شمسنا التي هي بكتلتها الضخمة بمعزل عن اية تأثيرات نجمية مما نفكر به وهذا مرده إلى المسافات الهائلة التي تفصلنا عن النجوم ومن ثم فإن تلك الصور (البروج) تخيلي وليست حقيقة وليس لأي صورة علاقة بالصور الأرضية الحسية وغير الحسية وليس للأشعة النجمية التي تجعلنا من على سطح الأرض نرى النجم كبقعة ضوئية منذ أن انطلقت تلك الأشعة منه منذ مئات وربما آلاف السنين اية تأثيرات علينا.
* قوة وضعف البروج
ويشير الدكتور موسى إلى أن البعض ينخدع بألفاظ المنجمين المتعلقة بالكواكب التي يستخدمونها تارة عامل قوة البرج وأخرى عامل ضعف وهي لا من هذا ولا من ذاك، فتأثيرها الإشعاعي معدوم لأن سطوعها الذي يتيح رؤيتها هو من أشعة الشمس المنعكسة على سطوحها ولذلك فتأثيرها الثقافي معدوم أيضا.. هي ليست منجذبة إلى الأرض ولا الأرض منجذبة إليها، باستثناء من ذلك القمر الذي عول عليه البعض مايرونه حجة لمصالحهم وهم لايفرقون بين الماء الحر في سطوح واسعة وبين دقائقه المرتبطة بخلايا الجسم البشري والمنجذبة إليها في فعل وظيفي حيوي.
ويستخلص الدكتور موسى بأن التنجيم ضرب من ضروب السحر والشعوذة والتكهن بما سيحدث. ٠و من ثم هو علم بالغيب وعلم الغيب لايملكه منجم ولاكاهن ولانبي، هو العلم الذي لايعرفه إلا الله خالق الكون بما فيه.