عبد الحميد غانم:
من جديد، تستمر لعبة الغرب على مسألة الأسلحة الكيميائية لعرقلة الحل السياسي للأزمة في سورية، واستخدامها وسيلة ضغط ضمن تلك الممارسات لإبقاء هذا الملف أداة من أدوات الضغط على سورية لإخضاعها لمشروعه العدواني التقسيمي للمنطقة.
ويلجأ الغرب عبر مجلس الأمن الدولي والمنظمة الأممية إلى الدوران في حلقة مفرغة في التحكم بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية من خلال تسييس قراراتها واستنتاجاتها وعدم المهنية في التعامل مع هذا الملف ودون الاعتماد على الأمانة الفنية التي تتوجب القيام بها كمنظمة متخصصة بهذا الشأن والمفروض أن تتحلى بالحيادية والمهنية وفقاً لطبيعتها التقنية.
لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم تنتهج الأسلوب العلمي في موضوع سورية، بل رهنت نفسها أداة بيد الغرب تخلت فيه عن أمانتها الفنية وحياديتها ومهنيتها، وأصبحت تنفذ أوامر الجهات الغربية والأمريكية التي تروج الأكاذيب والأضاليل البعيدة عن الحقائق والواقع، دون أن تعير أي اهتمام لأي خطوة مهمة تقوم بها سورية لإنهاء هذا الملف.
علماً أن سورية انضمت طوعاً إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في أيلول عام 2013، وأنهت تدمير جميع مخزوناتها ومرافق إنتاجها في عام 2014 رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها، كما حرصت على التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والالتزام بتطبيق الاتفاقية حتى قبل تاريخ دخولها حيز النفاذ بالنسبة لها.
كما أن سورية أدانت مراراً استخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان وزمان ومن قبل أي كان ومهما كانت الظروف، وأكدت دائماً أنها لم تستخدم على الإطلاق أي نوع من تلك الأسلحة المحظورة أو أي مواد كيميائية سامة.
وعلى مدى السنوات التسع الماضية منحت اللجنة الوطنية السورية ما يزيد على 500 تأشيرة دخول لموظفي الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، شملت جميع فرق المنظمة التي عملت في سورية، حيث سهلت عقد 24 جولة مشاورات لفريق تقييم الإعلان، وإجراء تسع جولات تفتيش لمركز الدراسات والبحوث العلمية، كما قدمت جميع التسهيلات لإنجاح زيارات فريق بعثة تقصي الحقائق، وكان آخرها بين السادس والـ12 من تشرين الثاني الماضي، وجددت دعوتها إلى التزام الفريق بمرجعيات العمل المتفق عليها، والتقيد بأحكام الاتفاقية، والحفاظ على المهنية والاستقلالية المطلوبة في أدائه لعمله، وبشكل خاص فيما يتعلق بجمع العينات، والحفاظ على سلسلة حضانتها ومقابلات الشهود والسجلات والوثائق، وعدم الاعتماد على المصادر المفتوحة.
وقد قدمت سورية منتصف الشهر الماضي تقريرها رقم 109 المتضمن الأنشطة التي أجرتها فيما يتصل بتدمير الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها، ونوه تقرير الجولة الثامنة لتفتيش مركز الدراسات والبحوث العلمية بالتعاون الكبير والتسهيلات التي قدمتها سورية لفريق التفتيش خلال تلك الجولة، وأكد على عدم وجود أي نشاط محظور بموجب الاتفاقية.
لذلك أمام كل هذه الخطوات السورية المسؤولة وهذه الشفافية والصدق في تعامل سورية مع هذا الملف، لم يعد بالإمكان الثقة بممارسات المنظمة وممارساتها وقراراتها المسيسة من قبل الغرب.
ومن هنا جاء تأكيد سورية على عدم شرعية إنشاء ما يسمى (فريق التحقيق وتحديد الهوية)، باعتبار أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لم تكلف الأمانة الفنية للمنظمة بولاية تحديد المسؤولية عن حالات استخدام الأسلحة الكيميائية، ما يعني منح هذا الفريق ولاية غير شرعية.
إن إغلاق ما يسمى “ملف الكيميائي” في سورية مرهون بضرورة تحلي المنظمة بالمهنية والحيادية، وعلى الدول الأعضاء التعامل مع هذا الملف وفقاً لطبيعته التقنية، وعدم القفز إلى استنتاجات مسبقة، وضرورة لحظ سلوك سورية المسؤول وتعاملها الإيجابي مع منظمة الحظر والذي يثبت أن ليس لديها ما تخفيه، حيث أن ممارسات التشكيك والنكران التي تقوم بها بعض الدول الغربية خدمة لأجنداتها السياسية المعروفة لن تفضي إلا إلى مزيد من تعقيد الأمور وعرقلة إغلاق هذا الملف.
اقرأ في الملف السياسي
“حظر الكيميائية”.. ترتدي الخوذ البيضاء وتوقع على تقارير الإرهاب!