عزة شتيوي:
هي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، باتت قاعدة أميركية لإطلاق الافتراءات السياسية وتحقيق المصالح الغربية، ما أخذ هذه المنظمة بعيداً عن مهمتها الأساسية لتصبح مصنعاً من مصانع واشنطن للكذب والتسيس الذي يعتمد على التقارير المفبركة والمعدة مسبقاً في غرف الاستخبارات الغربية والمنفذة بمسرحيات الخوذ البيضاء والإرهابيين في سورية.
هي ليست الإشارات الأولى في هذا العام إلى الخلل في عمل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من قبل روسيا وحتى الإمارات، والكثير من الدول التي وصلت إلى قناعة مطلقة بأن ما يسمى ملف الكيماوي في سورية بات كاشفاً لانحراف المؤسسات الأممية، وانحيازها للمصالح الغربية بدلاً من أن تكون خاصة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أداة حقيقية لتحمي الأطراف التي يمكن أن تكون مهددة بالسلاح الكيميائي، سواء من دولة أخرى أو من جهة إرهابية، وتشكيل تعاون دولي في هذا المجال، بل أصبحت هذه المنظمة تستقي تقاريرها من الإرهابيين ومواقع التواصل الاجتماعي المرتبطة بها، وهو ما أشارت له دمشق وموسكو منذ سنوات، ومنذ أن بدأت هذه المنظمة تحقيقاتها في ما يسمى “ملف الكيماوي” في سورية رغم أن المنظمة أعلنت بلسان رئيسها آنذاك أحمد اوزومجو منذ حزيران عام ٢٠١٤ أن سورية قامت بالتخلص من آخر دفعة من الكيماوي بالفعل، وأنها خاليه تماماً منه، ولكن ماذا عن الإرهابيين الذين كانت دول إقليمية وعالمية تزودهم بالسلاح الكيماوي وتمرر لهم الكلور والغازات السامة مع الشحنات الإنسانية وعن طريق المعابر غير الشرعية إلى مناطق تواجد “جبهة النصرة وداعش والجماعات المسلحة الإرهابية” والمرتبطة كلها باستخبارات الغرب وأذنابه.
لطالما شاهدنا مسرحيات كان يرتدي بها الإرهابيون الخوذ البيضاء ويقومون باستخدام الكيماوي في المناطق التي يسيطرون عليها مع كل تقدم للجيش العربي السوري وحلفائه لقطع الطريق على نصره وتحرير المدنيين من براثن الإرهاب، فتستخدم هذه الخوذ البيضاء الأطفال والنساء والمدنيين ضحايا لمسرحياتهم، ويقومون بقتلهم بالكيماوي لاتهام الدولة السورية بذلك، ويقدمون الصور والأفلام المفبركة لتعتمدها منظمة الحظر الكيماوي وثيقة حتى لو كانت ممهورة بختم داعش والنصرة، وتمرير أهداف سياسية لواشنطن والغرب الذي يخرج ويتباكى على مشاهد مفبركة لتشويه صورة الدولة السورية في المحافل الدولية.
هذه التقارير طالما استفزت سورية وروسيا والصين والدول التي تلمس الحقيقة في سورية لدرجة أن سورية وروسيا فضحتا سابقاً الكثير من الحقائق بالأدلة عن استخدام الإرهابيين الأسلحة الكيماوية في إدلب، وكان “تنظيم الخوذ البيضاء” الإرهابي ورعاتهم هم المسؤولون عن افتعال المسرحيات الكيماوية التي أصبحت مفضوحة للجميع، وهم من كانوا يقدمون ادعاءات وأدلة مفبركة وشهود زور.
وهنا جاء التصرف غير المهني وغير الأخلاقي من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تعاملت مع الحالات قيد التحقيق بانتقائية بالغة، فسعت لإنكار ما قدمته لها سورية وروسيا فيما يتعلق بحادثة حلب الموثقة التي وقعت بتاريخ الـ 24 من تشرين الثاني ٢٠١٨ وتبنت ادعاءات التنظيمات الإرهابية حول حادثة لم تقع وزعم حدوثها في سراقب في الأول من آب ٢٠١٦، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن بعثة تقصي الحقائق التي حققت في حوادث متكررة كاليرموك والمصاصنة وغيرها لم تصدر أي تقارير أو نتائج لتحقيقاتها في هذه الحوادث رغم أن الحوادث وقعت قبل الحادثة المزعومة في دوما عام ٢٠١٨ والتي صدر بشأنها تقرير تشوبه عيوب جسيمة واعتمد على تقارير مفبركة، واللافت أنه حتى في هذا التحقيق حول ما جرى في دوما كشفت وكالة “ويكيليكس” أن خبراء “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” نفوا استخدام غاز الكلور في مدينة دوما السورية، وأشارت إلى أن كبار المسؤولين في المنظمة أجبروا أعضاء بعثتها إلى سورية على تزوير الحقائق”.
هذا السلوك من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية استفز أيضاً في فجاجته وتحيزه الباحثين المستقلين الذين حضروا إلى سورية ولامسوا الحقائق بأيديهم أثناء جولاتهم، ومنهم الصحفية فانيسا بيلي التي تحدثت عن جماعة “الخوذ البيضاء”وعلاقتها بالإرهابيين، حيث قالت الصحفية في شهادتها أن جماعة “الخوذ البيضاء” جماعة تدعم الأطماع الاستعمارية للدول الغربية وتؤيد نشاطات المجموعات المتطرفة في سورية.
وليس هذا فقط، بل جمعت فانيسا المعلومات الموثقة التي تلقي الضوء على دور “الخوذ البيضاء” في الحرب الإرهابية ضد السوريين.
وتقول فانيسا إنه يمكن لمن جاء إلى سورية وبسهولة، خاصة إذا كان مدرباً كبعثة تقصي الحقائق في منظمة الحظر الكيماوي أن يعثر على كمية هائلة من الدلائل على أن منظمة “الخوذ البيضاء” تمارس العنف وتستخدم المدنيين كدروع بشرية، فكيف تعتمد على تقاريرهم حيث كانت الخوذ البيضاء تقدم دعماً لتنظيمي “القاعدة” و”داعش” من خلال توفير احتياجاتهما ورصد مسارات الطيران السوري والروسي.
خاصة أن هذه الخوذ البيضاء أسسها الخبير الأمني جيمس لي ميزوريه، وهو موظف سابق في مخابرات الجيش البريطاني.
وعمل ميزوريه بعدما ترك الخدمة في الجيش لحساب منظمات تزاول النشاط المشبوه مثل جماعة المرتزقة “أوليف غروب”.
والأكثر إثارة للاهتمام أن ميزوريه هذا حصل في بادئ الأمر على مبلغ يقارب ٣٠٠٠٠٠ دولار من عدد من الدول منها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ثم ارتفع حسابه إلى 100 مليون دولار، بالإضافة إلى تلقيه من هولندا ٤،٥ ملايين دولار ومثلها من ألمانيا ومن الدانمارك ٤ ملايين دولار. ووصلت المعدات وتجهيزات أخرى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وحصلت الجماعة على ما يزيد على ١٥٠ مليون دولار أمريكي قبل شباط ٢٠١٨ وانكشف بعد ذلك، وتبين من تحليل مقاطع الفيديو المسجلة عن نشاطات “الخوذ البيضاء” أنهم لم ينقذوا المدنيين في سورية كما روجت الدول الغربية، بل على العكس قاموا باتخاذ الإجراءات التي تودي بحياة المدنين وكان البشر هناك وسيلة لتسجيل الفبركات الكيماوية بالإضافة إلى اشتراك جماعة الخوذ البيضاء بالممارسات الإرهابية وحضورها حفلات قطع الرؤوس والإعدامات الجماعية من قبل “النصرة وداعش”.
وكشفت أيضاً منظمة “أطباء سويديون لحقوق الإنسان” أن من يسمون أنفسهم منقذين وطوعيين لم ينقذوا الأطفال السوريين بل على العكس قاموا بقتلهم. وبعد التدقيق بالمقاطع المسجلة التي تظهر معاناة أطفال سوريين نتيجة “هجوم كيميائي” مفترض، توصل الخبراء السويديون إلى أن “المنقذين” يقومون بحقن الطفل بالأدرينالين في منطقة القلب بواسطة حقنة ذات إبرة طويلة، مع العلم أن الإسعاف الأولي لمصابي الهجوم الكيميائي لا يتم بهذه الطريقة ولم يتم الضغط على مؤخرة الحقنة في مقطع الفيديو المسجل وهذا يعني أنهم لم يقوموا بحقن الطفل بالدواء.
وتقول فانيسا وغيرها من الهيئات والباحثين المستقلين إن “الخوذ البيضاء” يقدمون ما تريده واشنطن والغرب من تسجيلات ومسرحيات كيماوية “الفظائع” التي يمكن اتخاذها ذريعة للتدخل في سورية، وللأسف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بعد أن تم مصادرة قرارها لم تكن إلا جزءاً من مسرحية الكيماوي في سورية حيث اعتمدت تقارير الإرهابيين وتعامت عن دورها المهني والإنساني ومشت على الخريطة السياسية التي أرادتها واشنطن، فكان المحقق في ملف الكيماوي هو نفسه الجاني، وكان الشاهد إرهابياً ومحلل البصمات مخبراً أميركياً !! ويبقى السؤال لماذا تتجاهل منظمة الحظر الكيماوي نداءات الدول منذ ما يقارب التسع سنوات كروسيا والصين والإمارات وغيرها ممن وجهوا لها اتهامات التسيس واعتماد التقارير المفبركة من الإرهابيين حول الملف الكيماوي في سورية، ولا تسمع سوى الصوت الأميركي!.
اقرأ في الملف السياسي