ليس من السهل على أي عاقل تفسير معنى أن توافق الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا على فحوى قرار مجلس الأمن رقم / 2672 / الذي اتخذه المجلس بالإجماع في التاسع من كانون الثاني الجاري، ويقضي بتمديد مفاعيل قراره رقم 2642 لعام 2022، بشأن إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية ستة أشهر.
اللافت أن نص القرار يتضمن الحث على تكثيف المزيد من المبادرات لتوسيع الأنشطة الإنسانية في سورية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والكهرباء – حيثما تكون ضرورية – لاستعادة الوصول إلى الخدمات الأساسية ومشاريع الإنعاش المبكر التي تضطلع بها المنظمات الإنسانية.
ودعا الوكالات الإنسانية الدولية الأخرى وذات الصلة إلى دعم هذه الجهود والمبادرات.
من الواضح أننا أمام لوحة متناقضة شبيهة بمشهد الصيف والشتاء تحت سقف واحد، فكيف يمكن لذاك الثالوث الاستعماري الغربي ( الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ) أن يزعم بأنه يحث على تكثيف المزيد من المبادرات لاستعادة الوصول إلى الخدمات الأساسية ومشاريع الإنعاش المبكر في سورية ومن ضمنها مشاريع الصحة والكهرباء التي يحتاج إنعاشها إلى الكثير من عناصر الطاقة ولاسيما المشتقات النفطية والمستلزمات ووسائل الإنتاج التكنولوجية وقطع الغيار، إضافة إلى خدمات التأمين وإعادة التأمين والتحويلات المالية السريعة، في الوقت الذي يقوم فيه هذا الثالوث الغربي بفرض الحصار الخانق على الشعب السوري، ويقوم أيضاً باختراع الذرائع الجائرة والكاذبة التي يدفع بها للرأي العام كي يبرر أمام شعوبه شرعية العقوبات الإجرامية التي يتخذها بكلّ وحشية ضد شعبنا العربي السوري ..؟!
فأي حثّ وأي استعادة وأي إنعاش هو هذا الذي وافق عليه الثالوث الغربي في مجلس الأمن في حين يستمر بحصاره وعقوباته أحادية الجانب وبلا أي تبرير واقعي ولا تغطية أممية..؟!
فمن يحثّ على ذلك لا يستقيم أن يمنع عن الشعب السوري مستلزمات حياته ولا الوسائل التكنولوجية ولا قطع التبديل اللازمة لتكثيف تلك المبادرات التي تحدث عنها القرار.
ومن يكن جاداً بالعمل على استعادة الوصول إلى الخدمات الأساسية، لا يقم بقرصنة ومضايقة السفن القادمة إليها، ولا بمنع البنوك وشركات التأمين وإعادة التأمين من ممارسة أنشطتها بكلّ ما يخص سورية لتتجمد تجاهها فلا خدمات تأمينية ولا تحويلات مالية رسمية ولا بنوك مراسلة، لا بل هناك سعي حثيث – صرّح به أكثر من مسؤول غربي علانية – لتجفيف القطع الأجنبي وضرب العملة الوطنية لتأليب الناس على الحكومة..!
ومن يرد أن يدعم مشاريع الإنعاش المبكر في سورية ومنها مشاريع الكهرباء فعليه أن يسعى لتزويدنا بالغاز والمشتقات النفطية الكافية لا أن يقوم بسرقة ثرواتنا من النفط والغاز، ولا أن يُعرقل وصول احتياجاتنا، فكيف لمشاريع الكهرباء – التي نص عليها القرار – أن تنتعش بلا نفط ولا غاز ..؟! وكيف للحياة صناعياً وتجارياً وخدمياً ومجتمعياً أن تستمر بلا كهرباء ولا وقود ولا تدفئة في مثل هذا الشتاء القارس ..؟!
هذا الثالوث الاستعماري الغربي يحاول أن يكذب على العالم وهو يعرف أنه يكذب ويُصدق كذبته، والعالم يعرف أنه يكذب عليه .. ومع هذا لا يخجل من التمادي بأكاذيبه .. ولن يخجل ما دام هناك من يترنح معه ويميل على هواه كيفما يميل .