“فزعة من العيار الثقيل .. تدخل غير مسبوق .. ضربة فنية قاضية” .. تعددت الآراء والمواقف وردود الأفعال حول الهزات الارتدادية السعرية التي تم تسجيلها على مؤشر سعر صرف الدولار “أو “الشو أسمو” كما يطلق عليه المضاربون” في السوق السوداء، وانهياره الجزئي إلى عتبة الـ 6000 ليرة سورية، خلال أيام لم تتخط عدد أصابع الكف الواحد، قبل أن يستعر ويعاود جنونه وصعوده الجزئي المشؤوم من جديد.
وعلى سيرة الكف، فإن الكف “ثلاثي الأبعاد” الذي وجهته الضابطة العدلية التابعة لمصرف سورية المركزي وهيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفروع الأمن الجنائي في دمشق وريفها كان له صدى مختلف بعد إمساكهم بطرف خيط المضاربة الحقيقي لا الخلبي والقبض على العشرات من الممتهنين والمدمنين “عن سبق إصرار وتصميم” أعمال الصيرفة غير المرخصة والتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات التجارية، ونقل وتحويل العملات بين سورية والخارج دون ترخيص مسبق، كان له وقعه وصداه الإيجابي المؤقت معنوياً لا مادياً على أصحاب الدخل المحدود الذين كانوا ومازالوا يمنون النفس “اليوم قبل الغد” أن لا تقوم للمضاربين أو لـ ” الشو أسمو” قائمة بعد الفزعة المصرفية الأخيرة.
كل ما حدث كان في لحظة من اللحظات نوعياً بامتياز، وغير مسبوق .. ويبشر بسحب البساط تدريجياً من تحت “الشو أسمو”، والتخلص نهائياً من لعنة الدولار، ولعبة التجار، لكن الأمر ليس بالبساطة والسهولة التي قد يعتقدها البعض، ولا حتى بكبسة زر، وإنما بحراك واستنفار حكومي جماعي غير مسبوق تتشارك وتتضافر فيه جهود وقبضات كل الأذرع الرقابية التنفيذية داخل السوق السوداء وخارجه، والضرب ” بلا رحمة أو شفقة” على يد كل من سولت له نفسه التلاعب ليس فقط بمؤشر صرف لـ “الشو أسمو”، وإنما بالإنجرار الطوعي المصلحي وراء التقليد الببغائي التسعيري الأعمى لشريحة التجار والباعة الذين لم تعد لديهم قبلة تجارية لهم في هذا العالم إلا السوق السوداء.
ما جرى يحتاج أكثر من هزة وفزعة وخضة .. يحتاج لمتابعة لحظية، ومراقبة آنية، وتدخل دائم، وإشراف مباشر، وتنسيق وتعاون مستمر.. يحتاج لصحوة من نوع خاص، ويقظة غير مسبوقة، ومراقبة لا قبلها ولا بعدها.. وعيون ثاقبة، وآذان صاغية، وتدخل فولاذي قوي .. لا لشيء، وإنما لنسف حالة الفوضى التي تعيشها أسواقنا، ويدفع ضريبتها وفاتورتها الباهظة والمكلفة جداً المواطن الذي لم ولن تكتمل فرحته إلا بشطب ووأد كل حالات الهرج والمرج، والتسعير الكيفي والمصلحي، والهبوط الحقيقي لا الخلبي ” قروش” للأسعار ووضع حد نهائي لهذه المسرحية الهزلية، وإنزال أقصى العقوبات بحق كل من يتجرأ بعد اليوم التفكير ـ مجرد التفكير ـ العبث بشكل أو بآخر بأمننا الاقتصادي الوطني، وبما تبقى للمواطن من لقمة عيش، وراتب محدود جداً جداً جداً.