لأعوام طويلة عاش السوريون تحت وطأة واقع ثقيل، لم يكن فقط بفعل الحرب بل بفعل طوق اقتصادي أحكمته العقوبات وخنق مفاصل الحياة اليومية.
لم تكن العقوبات مجرد أرقام على ورق، بل كانت وجوها من المعاناة في طابور وقود أو مستشفى يفتقر لمستلزمات أو شبكة كهرباء أرهقتها الأعطال ونقص القطع.
اليوم مع بدء تفكيك بعض حلقات هذا الحصار، يبدو أن أنفاس الخدمات التي كانت تزور البيوت على استحياء بدأت تعود شيئاً فشيئاً ببطء لكن بإصرار.
رفع العقوبات أو حتى مجرد تخفيفها ليس نهاية الطريق، لكنه بلا شك بداية مختلفة.
بداية تسمح بإعادة تشغيل محطات كانت معطلة وباستيراد معدات كان الوصول إليها ضرباً من الخيال وبالعمل على مشاريع كانت مؤجلة أو مجمدة لسنوات.
لكن التحدي لا يكمن فقط في زوال القيود، بل في إدارة مرحلة ما بعد القيود، في تحويل الانفراج السياسي والاقتصادي إلى تحسن ملموس في حياة المواطن، في أن يشعر السوري أن صبره الطويل لم يذهب هباء وأن دولته قادرة على التقاط اللحظة وتحويلها إلى إنجازات حقيقية.
ليس المطلوب إعجازاً بل إدارة ذكية ورقابة فعالة وشفافية في توجيه الموارد، فالمواطن الذي صمد في وجه الحرب والعقوبات يستحق اليوم أن يجني ثمار الصبر، لا وعوداً مؤجلة.
إنها لحظة فارقة، فإما أن تكون انطلاقة نحو تعاف حقيقي أو فرصة أخرى ضائعة.