في مساء دمشق المعتاد، حيث التعب يسبق الخطا، وصلت إلى البرامكة بعد يوم عمل طويل، وكل ما أريده هو الذهاب إلى صحنايا، ولكن المفاجأة؟ لا باصات، ولا سرافيس بسبب منع دخولها هناك، ومع عبارة “استني ربع ساعة”، وكأن الزمن في البرامكة يُقاس بالوعود لا بالدقائق.
القرار العبقري بمنع دخول سرافيس صحنايا إلى البرامكة حول الركوب إلى مغامرة بوليسية، وبينما أنتظر، اقترب مني رجل بصوت منخفض وكأنه يهمس بسر خطير، وقال: “إذا بدك سرفيس، تعالي معي… هناك، بالدخلة المظلمة، دخلة مظلمة؟! هل نحن في فيلم تجسس؟! ذهبت معه، وهو يتلفت كأننا نتهرب من دورية، ومن شخص إلى آخر، شعرت أنني شحنة مهربة، لا راكبة.
وعندما وصلنا إلى السرفيس المختبئ، رفض السائق تشغيل الضوء، قائلاً: “الأمن ممكن يمسكنا”.
ضحك الركاب، لا لأن الموقف مضحك، بل لأننا أصبحنا فعلاً بحكم “الممنوعات”.
هكذا، تحول قرار تنظيمي إلى مسرحية عبثية، حيث الركاب يتسللون، والسائقون يتهامسون، والبرامكة تتحول إلى نقطة تفتيش وهمية، لا أحد يعرف لماذا منع الدخول، ولا أحد يجيب عن السؤال، فقط الجميع يتصرف وكأنهم في مهمة سرية.
فهل يعقل أن يصبح الركوب إلى صحنايا مغامرة ليلية؟ وهل يعقل أن يجبر المواطن على الذهاب مع غرباء في ممرات مظلمة فقط لأنه يريد العودة إلى بيته؟ القرار لم ينظم شيئاً، بل فاقم الفوضى، وجعل من البرامكة مسرحاً للتهريب… لكن هذه المرة، الركاب هم البضاعة.