الثورة- ترجمة ختام أحمد:
اتفقت “إسرائيل” و”حماس” على وقف إطلاق النار خلال محادثات مع وسطاء أميركيين وأتراك وقطريين ومصريين، تتضمن المرحلة الأولى وقف إسرائيل للقصف والانسحاب من غزة إلى خط متفق عليه، وستعيد حماس، بدورها، جميع الأسرى خلال 72 ساعة من الاتفاق.
السؤال الذي يجب أن نطرحه الآن هو: ما الذي يمنع إسرائيل من استئناف حملتها القصفية بعد عودة الرهائن؟ وما الذي يمكن للدول العربية والإسلامية فعله لمنع حدوث مثل هذا السيناريو، الذي قد يرجحه البعض؟.
من وجهة نظر حماس، يُعدّ الرهائن الورقة الوحيدة التي تملكها الحركة للضغط على إسرائيل، تجدر الإشارة أيضاً إلى أن عامين من الحرب أضعفا الحركة بشكل كبير، إلا أن الوضع الميداني دفع الجميع إلى التقارب مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ إذ كانت غزة تشهد إبادة جماعية، والناس يتضورون جوعاً، وكانت هناك حاجة إلى حل فوري.
مع ذلك، لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن وقف إطلاق النار سينتقل بنجاح إلى المرحلة التالية، اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار نظراً لتزايد الضغوط على حكومته، ليس فقط على الصعيد الدولي، بل على الصعيد المحلي أيضاً، حيث شكّلت محنة الرهائن وقوداً لأحزاب المعارضة، مع ذلك، يجب ألا ننسى أنه خلال اتفاقيتي وقف إطلاق النار السابقتين، استعادت إسرائيل بعض الرهائن ثم استأنفت الإبادة الجماعية.
علينا أيضاً أن نتذكر أنه بمجرد انتهاء الحرب، سيُحاسب نتنياهو، لم يُجرَ أي تحقيق جدي في هجمات 7 تشرين الأول التي قادتها حماس، حيث زعمت بعض وسائل الإعلام مؤخراً أن القوات المُحاصرة لغزة أُمرت بالانسحاب آنذاك، إذا كان هذا صحيحاً، وإذا سمح نتنياهو بكل هذا ليُجنّب نفسه مشاكله الداخلية، فماذا سيحدث له؟
بالإضافة إلى التداعيات المحتملة لأحداث السابع من تشرين الأول، هناك مسألة تهم الفساد التي يواجهها، وهناك أيضاً مسألة حكومته الائتلافية الهشة، المنقسمة بين من يؤمنون بضرورة تجنيد اليهود الأرثوذكس، المُعفون حالياً من الخدمة العسكرية الوطنية التي يُلزم بها معظم الإسرائيليين، ومن يعتقدون أنه لا ينبغي تجنيدهم.
تُلقي الحرب بكل هذه القضايا جانباً، بمجرد استعادة الرهائن، مُسجلاً نقطة ضد المعارضة ومُهدئاً الرأي العام الإسرائيلي، هل سيستأنف الحرب في غزة؟ ربما سيعود إلى قصف القطاع، أو ربما سيفتح جبهة أخرى في الضفة الغربية، أو لبنان، أو إيران.
مهما حدث، فإن الأهم الآن هو ضمان صمود وقف إطلاق النار في غزة، ومن المتوقع أن يواصل ترامب الضغط على نتنياهو لتجاوز الجزء الأول من الاتفاق.
عندما سُئل ترامب عن هذا، قال إن القضية الأهم هي إعادة الرهائن إلى ديارهم، و”سنرى حينها”، إلا أن هذا أثار شعوراً بالتكرار؛ إذ ثبت أن اتفاقات وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2023 وكانون الثاني 2025 كانت قصيرة الأجل.
علاوة على ذلك، فإن الضغط لا يعني الضمانات، تستطيع إسرائيل ممارسة ضغط مضاد على الولايات المتحدة، فهي تمتلك لوبياً سياسياً قوياً يعمل بكامل طاقته، وهذا يطرح تساؤلاً: ما الذي ينبغي على الدول العربية والإسلامية فعله؟ ما هي خطتها البديلة؟ ما نوع الضغط الذي يمكنها ممارسته على إسرائيل لضمان عدم انحراف نتنياهو عن وقف إطلاق النار؟
أعلنت تركيا بالفعل أنها سترسل قوات لمراقبة المراحل الأولى من الهدنة، ومع ذلك، لا تزال التفاصيل المتعلقة بالمراحل اللاحقة غير واضحة، كما على العرب والمسلمين أن يستمعوا لنصيحة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي دعا في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي إلى إنشاء قوة دولية في غزة بموجب قرار الجمعية العامة رقم 377، المعروف أيضاً باسم قرار “الاتحاد من أجل السلام”.
ويجب أن تدرك إسرائيل أنه إذا لم تمتثل لخطة السلام وتنسحب من غزة، فإن الدول العربية والإسلامية سوف تدفع إلى اتخاذ إجراء بموجب القرار 377، والذي قد يتجاوز حق النقض الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال طرح قرار على الجمعية العامة للتصويت على تدابير جماعية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة عند الضرورة.
لا ينبغي أن يتوقف الضغط عند اتفاق وقف إطلاق النار، بل ينبغي أن يستمر في قضية إقامة دولة فلسطينية، ينبغي تشجيع جميع الدول الغربية على أن تحذو حذو إسبانيا، وغيرها من الدول، التي دعت بوضوح إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبذل الجهود لتعزيز حل الدولتين للصراع الأوسع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مع ربط غزة بالضفة الغربية وحرية حركة الملاحة عبر ميناء غزة.
يجب ألا يهدأ الضغط الشعبي الدولي، فنتيجةً للاحتجاجات الشعبية، بدأت العديد من الدول الغربية بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة، وينبغي أيضاً وضع استراتيجية واضحة ومحددة لوقف إطلاق النار الجاري، وينبغي أن تقود الدول العربية والإسلامية التي توسطت فيه هذا الجهد، ما لم تعتقد إسرائيل أن خرق وقف إطلاق النار سيترتب عليه عواقب وخيمة، فمن المرجح أن يكون قصير الأمد كاتفاقي تشرين الثاني 2023 وكانون الثاني 2025.
المصدر _ ArabNews