الثورة – ترجمة رشا غانم:
من المعروف جيّداً بأنّ الدّلافين تمتلك ذكاء شبيهاً بذكاء البشر، ولكنّ دراسة جديدة كشفت بأنّ تلك المخلوقات تشبهنا إلى حد كبير أكثر مما نتوقع، فلقد تبين خلال التجارب، بأنّ الدلافين تصرخ عند محاولتها العمل معاً، تماماً كما هو الحال عندما يصرخ البشر ليتم سماعهم أثناء التدريبات الهوائية أو إنذار الحريق، هذا ويرتفع صوت الدلافين وتدوم صرخاتهم لفترة أطول مع زيادة حجم الضوضاء.
الدلافين مخلوقات مشهورة بذكائها تعتمد على أصواتها “الثرثرة” للصيد والتكاثر، ولكن إذا طغت الضوضاء الصادرة عن النشاط البشري مثل الحفر والشحن على ضوضاء الدلافين هذه، فقد يؤثر ذلك سلباً على صحة مجموعات الدلافين.
ومن جهتها، قالت مؤلفة الدراسة ستيفاني كينج من جامعة بريستول:” تؤثر الضوضاء التي تأتي من صنع الإنسان بشكل مباشر على نجاح الحيوانات في العمل معاً، وإذا كانت الضوضاء تجعل مجموعات الحيوانات البرية أقل كفاءة في أداء الإجراءات التعاونية، مثل البحث عن الطعام الجماعي، فقد يكون لذلك عواقب سلبية مهمة على صحة الواحد منهم، وفي النهاية على صحة الجميع”.
بشكل عام، تصدر الدلافين نوعين من الأصوات صفارات ونقرات، تُستخدم النقرات في تحديد الموقع بالصدى -وهي تقنية تستخدمها الحيوانات لتحديد موقع الأشياء مثل الطعام أو العقبات أو المخاطر المحتملة باستخدام الموجات الصوتية المنعكسة-وفي الوقت نفسه، تُستخدم الصفارات للتواصل مع أعضاء آخرين من الأنواع – وربما حتى الأنواع الأخرى أيضاً، فمن المعروف بالفعل أن اثنين من الدلافين في الرعاية البشرية يمكنهما العمل معاً لحل مهمة تعاونية، وفهم الدور الذي يلعبه شريكهما في المهمة، واستخدام الصفارات لتنسيق السلوك.
وفي هذه الدراسة، أراد الباحثون أن يروا كيف ستؤثر الضوضاء بشرية المنشأ- الضوضاء الناتجة عن النشاط البشري- على هذه القدرات، ومن الأمثلة على مصادر الضوضاء البشرية المنشأ، الحفر والغواصات والقوارب الآلية وغير ذلك، هذا وتمّ إجراء تجارب في مركز أبحاث في فلوريدا مع اثنين من دلافين القارورية الأنف البالغة من نوع دلتا وريس، أثناء السباحة في بحيرتهم، وقد تمّ بالفعل تدريبهم على الانخراط في سلوك تعاوني باستخدام مكافآت الأسماك والتفاعل الاجتماعي، وجنباً إلى جنب مع الزملاء الدوليين، جهز العلماء دلتا وريس بعلامات أكواب الشفط التي سجلت صوتهم أثناء مشاركتهم في مهمة تعاونية.
وأثناء المهمة، كان على الدلافين العمل معاً للضغط على زر تحت الماء في غضون ثانية واحدة، بينما تعرضت لمستويات أعلى بشكل متزايد من الضوضاء من مكبر الصوت تحت الماء، ولجعل الأمر أكثر صعوبة، بالنسبة لبعض التجارب، تم إيقاف إحدى الدلافين لمدة خمس إلى 10 ثوانٍ بينما تم إطلاق الأخر على الفور، حيث استخدموا مجموعة متنوعة من الضوضاء، فكانت الضوضاء التي شهدتها الدلافين أثناء المهمة مشابهة في الصوت العالي للتلوث الضوضائي الذي تعاني منه الحيوانات في البرية.
وجد الباحثون أنّ الدلافين أنتجت صفارات أعلى ولفترة أطول للتعويض عن مستويات الضوضاء المتزايدة، لكنها كانت أقل نجاحاً في المهمة مع ارتفاع صوت الضوضاء، ووجدوا أنه من أدنى مستويات الضوضاء إلى أعلى مستوياتها، انخفض معدل نجاح الدلافين من 85 في المائة إلى 62.5 في المائة.
ووفقاً للخبراء، عوضت دلتا وريس عن طريق تغيير حجم وطول نداءاتهما في جهودهما لتنسيق الضغط على الزر، كما لم تغير الدلافين حجم ومدة أصواتها فحسب، بل غيرت أيضاً لغة جسدها، فمع زيادة مستويات الضوضاء، كانت الدلافين أكثر عرضة لإعادة توجيه نفسها ليكونوا قبال بعضهم البعض، وكان من المرجح أيضاً أن تسبح إلى الجانب الآخر من البحيرة لتكون أقرب.
ويقول الخبراء في دراستهم:” زاد الأشخاص من توجههم نحو شركائهم مع زيادة الضوضاء، لكن تحديد موقعهم بالصدى انخفض، ويشير هذا إلى أن الدلافين كانت تتجه نحو بعضها البعض ليس لاستخدام تحديد الموقع بالصدى لتتبع شريكها ولكن لزيادة فرصها في اكتشاف إشارات شريكها”، فالسمع الاتجاهي- القدرة على تحديد مصدر الصوت- ربما سمح لهم بفصل إشارات شريكهم عن إشارات الضوضاء بسبب الموقع المكاني المختلف لمصدري الصوت.
وبينما تقدم الدراسة لمحة عن الأشياء المذهلة التي تقوم بها الدلافين للتعاون، فإنّها تظهر في النهاية أنها أقل نجاحاً في القيام بذلك في وجود الصوت الذي يولده البشر.
وختمت كينج:” لقد عرفنا لسنوات أن الحيوانات يمكن أن تحاول تعويض الضوضاء المتزايدة في بيئتها من خلال تعديل سلوكها الصوتي، ويُظهر عملنا أن هذه التعديلات ليست بالضرورة كافية للتغلب على الآثار السلبية للضوضاء على التواصل بين الحيوانات التي تعمل معاً”.
المصدر: ديلي ميل
