الثورة- اللاذقية لقاء سنان سوادي وديانا أحمد:
لحظات مرعبة، خوف وهلع شديدين أصاب المقيمين في المناطق التي ضربها الزلزال، تفاصيل محزنة ستبقى عالقة في الذاكرة، مشاهد مأساوية لن تمحى، قصص، وأن اختلفت في تفاصيلها ومفرداتها، لكن مضمونها واحد، الخوف، الذعر، البحث عن منفذ للنجاة، وبصيص ضوء يُرى من تحت الأنقاض والركام، أصوات بكاء، صراخ، ومناداة من الناجين وفرق البحث للأهل والأحبة الذين طمرهم الردم والأنقاض، هكذا كان الحال فجر يوم الاثنين الموافق السادس من شباط.
في اللحظات الأولى للكارثة، وبعد انهيار المبنى كان هاجسي الأول الحصول على الأوكسجين” بهذه العبارة يصف الناجي وسيم عبود يوسف الذي فقد زوجته نورا هلال، وولديه جود /17/ عاماً، و ليث /14/ عاماً، حالته بعد انهيار المبنى الذي يقطن به، والمؤلف من ستة طوابق، في مدينة جبلة ــ منطقة الرميلة.
ويضيف يوسف بعد شعورنا بالزلزال طلبت من زوجتي وأبنائي الوقوف تحت عتبات أبواب المنزل، لكن المبنى انهار بالكامل، في البداية كنت مقيداً ومحاطاً بالأنقاض، عاجزاً عن الحركة، كانت مشاعري متضاربة بين الضحك والبكاء، في فترة الانتظار تلك راودتني صور حياتي وذكرياتي.
عاد لي الأمل بالنجاة بعد أن سمعت صوتاً في الخارج، وبعد حوالي الساعة سمعت صوت أخي، ثم استمر التواصل معه ومع المنقذين، كان الجميع يطلب مني الحديث كي لا أفقد الوعي، وبعد مرور نحو عشر ساعات تم انتشالي من تحت الأنقاض، وتم انتشال جثمان زوجتي وولدي ليث بعد يومين، وانتشال جثمان ولدي جود بعد ثلاثة أيام.
نقلت بعدها إلى المشفى، الجهة اليسرى من جسدي متضررة (تهشم أصابع اليد، إصابة عند رأس الفخذ، اعتلال عصبي) العناية جيدة ويتم تأمين جميع متطلبات العلاج.
ويختم يوسف حديثه بأن الناجي الوحيد المتبقي لديه من أفراد أسرته نوار /8/ سنوات يعيش حالياً متنقلاً بين بيوت أقاربنا وهو بحاجة للعناية والدعم النفسي للعلاج من آثار وتداعيات هذه الكارثة، ويتمنى العمل على تأمين مسكن له ولولده الوحيد.
“بابا…بابا…، أنا لم افعل شيئاً، أنا لم أحطم أي شيء” هذه الجملة التي قالتها الطفلة ذات الأربع سنوات لوالدها كانت كافية لإيقاظه بعد أن فقد الوعي.
يقول الناجي أسامة أحمد علي الذي تعرض لإصابة في الرأس والظهر، بعد انهيار المبنى المؤلف من خمسة طوابق ــ منطقة البصة: بعد شعوري بالزلزال أيقظت زوجتي وطلبت منها حمل ولدي الأوسط /6/ سنوات الذي كان ينام معنا بالغرفة والخروج من المبنى بسرعة، ثم اتجهت إلى الغرفة الأخرى وحملت طفلي الكبير /8/ سنوات وطفلتي الصغيرة /4/ وأثناء خروجي هبط الحائط علي مما أدى لفقداني الوعي لكن ابنتي أيقظتني، بعد خروجي من المبنى عدت ثانية برفقة شابين من الحي باحثاً عن زوجتي وأبنائي، لكنهم أخبروني أنها خرجت وأصبحت بمأمن، نتمنى تأمين سكن لي ولأسرتي فزوجني مصابة ولدينا ثلاثة أطفال صغار.
بدورها زوجته بانا علي عباس قالت: كانت لحظات مرعبة، أصوات تخرج من باطن الأرض، كان الخوف يسيطر على الجميع، أيقظني زوجي وهو يقول “زلزال..احملي ولدك واهربي” أثناء نزولنا كان الدرج يتهدم تحت أقدامنا، عندما وصلنا الطابق الأرضي وقع ركام علينا، حاولت سحب ولدي وحمله لكنني لم استطع، بدأت بعدها بالصراخ طالبة النجدة والمساعدة، عندما سمع جارنا حسام يوسف صوتي وبعد أن قام بإخراج زوجته عاد لمساعدتنا، و رفع الركام عن طفل، و لكنه أصيب في رأسه وظهره نتيجة سقوط الردم عليه والحمد لله إصابته طفيفة، تعرضت لكسور في أصابع اليد وجروح ورضوض متفرقة.
راما صبيحة /23/ عاماً ــ طالبة جامعية، تسكن في الطابق الرابع، منطقة البصة: استيقظت فجر الاثنين على اهتزاز المنزل قمت بإيقاظ أفراد عائلتي وخرجنا جميعاً، ثم اتجهت إلى منزل جيراننا لكي أوقظهم، أثناء ذلك انهار المبنى المكون من خمسة طوابق بالكامل، لم أفقد الوعي، لكنني كنت عاجزة عن الحركة، تم إنقاذي، ونقلي إلى المشفى، أجريت لي عملية بالفقرة الثالثة قطنية، وتركيب صفائح وبراغي، أصبحت أسرتنا بلا مأوى، نتمنى من الجهات المعنية تأمين مسكن لنا.
تصوير- نادر منى
