الثورةـ أديب مخزوم:
زويا قرموقة فنانة تشكيلية شاملة ( تجمع بين الرسم والتشكيل الخزفي والكتابة في الفن التشكيلي ) والفن الذي تمارسه ليس صناعة مهنية، وإنما هو ميدان فني يتاح فيه للموهبة بالبروز والظهور، فهي تعمل على تطوير القطعة الخزفية بثقافة فنية لافتة، وضمن نزعة إحيائية نقية مفتوحة على معطيات وتوجهات الفن الحديث، ولهذا يمكن القول أنها تعتمد في تشكيلاتها الجدارية والفراغية ، الرشاقة والحيوية ضمن نزعة إحيائية تراثية يفتقر إليها الحرفي أو الخزاف العادي .
ويمكن الانتباه عند تأمل أعمالها، إلى حيوية الكتلة ورسوماتها وزخارفها العفوية، حيث تعكس أعمالها بعض إيقاعات الحداثة التشكيلية ، وفي ذات الوقت تستعيد عراقة وتقنية الفنون الخزفية المتوارثة منذ قرون طويلة في الشرق العربي، وتضيف إليها خبرتها المرتبطة بالتشكيل الخزفي الحديث، كما تستفيد من معطيات الفن الخزفي القديم بإعطاء الكتلة الفراغية البريق والإتقان والحيوية.
وهذا يعني أنها تبتعد كل البعد عن الأعمال الخزفية الحرفية الاستهلاكية أو السياحية، حيث يأخذ عملها شكله الجمالي الحديث ، من حيوية تشكيلاته وبريق ألوانه وعناصره المتواصلة مع الأعمال القديمة الحية والمتجددة .
لإلقاء مزيد من الأضواء على حالات مد وجزر التشكيل الخزفي في المحترف السوري ، كان لنا معها الحوار التالي:
* كيف تنظرين إلى الخزف المحلي في ضوء الخزف العربي والعالمي؟
** ضمن حركة التطور التكنولوجي المتسارعة وتأثيراته في مختلف أشكال الفنون، كان للخزف النصيب الأكبر حيث انتقل من الحالة التطبيقية النفعية إلى الوجود الفني المتكامل، بات معه العمل الخزفي يعبر عن أفكار وهواجس الفنان من خلال تقنيات يبتكرها لإنتاج تشكيلات جمالية فريدة تحمل فلسفته الخاصة. وامام هذه النقلة العالمية لفن الخزف يشكو الخزف السوري من تأخر ملموس مترافقا مع تراجع في أعداد الفنانين الخزافين، الذين يرجع إلى مراكز التدريب الفنية التابعة لوزارة الثقافة (كونها المرجع المؤسساتي الوحيد) الفضل في رفدهم إلى الساحة التشكيلية السورية. كخزافين سوريين يهمنا الحفاظ على هذا الإرث التاريخي كما تهمنا محاكاة الأعمال العالمية، وتقديم عمل فني يرقى بالمرحلة ويعبر عن أفكارنا بتقنيات مبتكرة ترضي تطلعاتنا على تنوعها، لذلك نحرص وبجهود فردية خاصة، على الاستمرار في تنفيذ التجارب والمحاولات العملية الضرورية والتي هي أساسية لوجود العمل الخزفي ، إلا أن التكاليف المادية المرهقة لهذه التجارب بسبب ارتفاع أسعار المواد والأدوات التي تحتاجها لعملية بناء العمل الخزفي (أكاسيد- مسحوق الزجاج- الصلصال- تأمين الوقود الضروري لأفران الحرق) جعلتها تجارباً مبتورة ومحاولات غير كافية لتجسيد أقصى تصوراتنا واحلامنا.
*مالصعوبات أو التحديات الأساسية التي تواجه فن الخزف في المحترف السوري حصراً؟
** المسافة التي أوجدها الفرق بين محدودية إمكانياتنا (لاسيما في الظروف الاقتصادية الأخيرة ) أمام التطور التكنولوجي لأدوات الخزف العالمي، وضعتنا بمواجهة صعوبات و تحديات حقيقية لوجودنا في الساحة العالمية أو حتى الساحة العربية حيث أن العديد من الدول العربية سبقتنا بمراكزها التأهيلية والأكاديمية ذات المناهج والتقنيات المتطورة ومنها مصر والعراق والكويت وتونس والتي توجد في أغلبها ( ورش خزف كبيرة بحجم قرية كاملة ) مدعومة بسبل تسويق محلية وعالمية لمنتجاتها .
*ماذا عن المعارض المحلية التي تقام لفن الخزف في الداخل والخارج؟
** التأخر التراكمي لفن الخزف رافقه تجاهل ملحوظ لهدا الفن في الفضاء التشكيلي السوري، حيث اقتصر حضور الخزف على التواجد كعنصر خجول مشارك ومرافق لعدد من الفنون التشكيلية الأخرى ضمن الفعاليات المحلية والتي أبرزها المعرض السنوي لوزارة الثقافة في فنون الخزف والخط العربي والتصوير الضوئي. وربما لم يشهد العقد الأخير معرضاً متفرداً بفن الخزف سوى المعرض المقام في عام 2019 في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة تحت عنوان (تفاصيل) المنفذ بجهود مجموعة من الخزافين المحترفين والموهوبين. كما أن المشاركات الدولية هي مشاركات فردية تعتمد على نشاط الفنان الشخصي وصلاته مع صالات العرض العالمية. يحتاج الخزاف إلى دعم حقيقي من الجهات المعنية للمساهمة في إنعاش هذا الفن العريق بايجاد فرص جدية للتسويق، وإغناء معلومات الخزاف التقنية والعلمية من خلال إعادة تفعيل البعثات التعليمية والتدريبية ليتمكن من ترجمة أفكاره وطرح تصوراته في أعمال فنية ذات أبعاد جمالية تعيد للخزف السوري ألقه وتحاكي العالمية.
