علاء الدين محمد:
كيف تأثر الكاتب بالكارثة التي عشناها، كيف مرت على تفكيره، هل أخذته إلى طرق تفكير جديدة
أم أنها تعيقه وتجعله يراوح في المكان.
رأت الدكتورة ريما دياب أن الأزمات حرب نفسية قبل أن تكون حرباً علنية ولا شك أننا اليوم تأثرنا بما شاهدناه وسمعناه ولكن الإنسان الطموح يخلق من العدم المعجزات كما تفعل السيمرغ طائر العنقاء الذي يبعث من الرماد ويكون رمز الحياة والتجدد ونحن كأصحاب فكر وعزيمة لا نعترف بالهزيمة والألم الذي يمزق أرواحنا.
وتتابع …بل نحول المعاناة لتكون بذرة الإبداع لأن الإنسان المبدع ينظر إلى الواقع بطريقة مغايرة إذ يمتص اليأس والحزن والإحباط ويخلق بطريق كتاباته وثقافته الحياة بثوب جديد يعاين المشكلات ويطرح الحلول ويقدم رؤية جديدة تنبض بالأمل والحياة وتزرع التفاؤل في قلوب الناس المتعبة.
في الحقيقة أن ثقافة اليوم ينقصها الكثير لأن أغلب المثقفين والكتاب سيطر اليأس عليهم ووقفوا متأملين الواقع، ومن هنا علينا إحياء الثقافة ودفع الجيل الجديد من الشباب لاقتحام أبواب الثقافة ورعايتهم وصقل مواهبهم وفسح المجال أمامهم للحوار وتبادل الآراء واحترام رأي الآخر وتقبل جميع الآراء والنظر في مشكلاتهم ومعالجتها، ومن هنا نبني جيلاً مثقفاً عانى ما عاناه من اليأس والألم والإحباط وبات همه الهجرة وترك البلاد فنحن علينا التمسك بهم وفتح أبواب التفاهم وتنمية إبداعاتهم وزرع بذور حب الوطن والتمسك بالهوية وحب الأسرة والنظر إلى مجالات الحياة وتطورها المتسارع بتوفير ما يلزمهم، فالثقافة.. هي السبيل الوحيد للرقي بالأمة.
وإن كان هدف العدو تشتيت الجيل وزرع اليأس وسرقة العقول الشابة فنحن نقول إن الازمات خلقت عقولاً نيرة لأن الألم يفجر الإبداع والفكر المتقد لا ينطفئ أبداً لأن المبدع يسخر كل ما حوله ويمتص بذور اليأس ويعيد ترتيب الواقع بالفكر والرأي الإيجابي والحث على الكتابة والإبداع ومعالجة الواقع بفكر لا يرضى الهزيمة والخضوع.
الشاعرة ديبة الشاعر: تعاطت مع الكارثة من خلال بعدها الإنساني، معتبرة أن المبدع يحتاج لصفعة توقظه من غفلته، ولكن ماذا لو كان زلزالاً يهز أحاسيسه ومشاعره، وتتابع الزلزال أصابنا في الصميم، وكل تلك الحكايا التي عايشناها لا يمكن أن ننساها وبالطبع سوف تؤثر في عمق كتاباتنا، كيف سأنسى تلك العائلة التي تقطن في حي الشعار في الطابق الرابع فعندما بدأت الأرض تهتز تمكن « عبد الله» من إخراج والديه العجوزين فوالده مقعد تسعون عاماً ووالدته ٧٥ عاماً، مع زوجته الحامل وطفلته البالغة عاماً ونصف، لجأوا إلى الحديقة وأمضوا ليلتهم تحت المطر والبرد، وعاجلت الهزة الثانية البيوت بضربة قاضية سوتهم تراباً وأثراً بعد عين.
حمد عبد الله السماء أنها أبقتهم أحياء بعد أن ابتلعت الأرض الراقصة جمهورها وهم نيام وأحياء.
تقول الشاعرة أنا هنا لم يقتصر دوري على الجانب الإبداعي، أن أستلهم حكاية وينتهي الأمر، بل تابعت معاناة عبد الله بمختلف التفاصيل، حين ذهب إلى منزل أخته، إلى أن تم تأمين مأوى له ولعائلته…
لقد بادرت إلى المساعدة فقد اتصلت بعدة جمعيات أشكو حاجته، وقد أبدى الجميع استعداده لذلك وبرحابة صدر، شكرني وشكر المجتمع المثقف الذي ساعده، والذي لم يقف مكتوف الأيدي ولم يسانده بالكلام بل وقف بجانبه ومع كل المنكوبين بالفعل وقفة إنسانية.