أديب مخزوم:
ثلاثة فنانين تشكيليين مخضرمين، يقدمون أجوبة لتساؤلات عن واقع وآفاق ومعوقات التشكيل السوري وحالات تطوره وتراجعه وسبل انبعاثه .. ولقد تقاطعت بعض الآراء وتركزت على المعاناة الناتجة عن عدم وجود تسويق للعمل الفني، إلا في حالات استثنائية، خاصة بعد توقف الجهات المعنية عن الاقتناء من معرضي الخريف والربيع وسواهما .. كما يتحدثون عن ارتفاع أسعار المواد اللازمة لإنتاج اللوحة والمنحوتة، والتي وصلت إلى حدود غير معقولة أو مقبولة.
الفنان (سركون بولص) قال: أنا كفنان أعاني من قلة التسويق، ومن قلة المعارض العامة والفردية والملتقيات، وكذلك من غلاء أدوات الرسم ( ألوان زيتي وأكريليك وريش وشاسيات وقماش وغراء إلخ ) ونتمنى أن تؤمن اللوازم بأسعار معقولة، لنستمر في العطاء للمجتمع والوطن، وأن تكون المعارض أكثر وأشمل، وأن يدعم الفنان ليقدم ما عنده من فكر وجمال وإبداع وذلك طبيعي، لأن الفن حضارة وسورية مهدها.
أما ما يخص التنوع والتجدد في التشكيل السوري، يجب التأني في زج أسماء لا تزال تخوض غمار التجريب، وتحاول إثبات هوية فردية خاصة بها، وعلى المعنيين بالفن ومنهم الأساتذة والنقاد أن يكونوا على اطلاع ودراية بهذه الأسماء الجديدة، والتركيزعلى أسماء جادة ممكن أن ترفد التشكيل السوري، وتصب في بوتقة الإبداع، ولا أعتقد أن اللوحة لا تقدم شيئاً، بل ممكن أن تكون نبراساً للثقافة والتنور عموماً، وهذه مهمة للمتلقي وللفنان والمؤسسات المعنية تقوم بدورها، عندما تمد اليد للعمل المبدع والفنان بآن معاً، وقبل ذلك يجب أن تعطي الفنان حاجته بسهولة وبسعر معقول، وأن يتم الاقتناء وهذه ناحية هامة تدعم الفنان، الذي يعمل ويعمل بالرغم من معاناته بعدم وجود بيع أو تسويق ومن قلة الموارد وتكدس اللوحات بمرسمه وهي مكلفة وغالية، فالدعم يجب أن يستمر وأن تكون هناك معارض وصالات رسمية وخاصة وتعرض ما يقدمه الفنانون بكثرة.
الفنان (حكمت نعيم ) قال: يشكل التشكيل السوري مع التشكيل المصري والعراقي نواة الفن التشكيلي في الوطن العربي، والذي بدأ في بدايات القرن العشرين، لذلك فالفنان السوري من المؤسسين للفن التشكيلي العربي.
في سورية عاش فترة ذهبية، وبرز فيها الكثير من الأسماء اللامعة، والتي لها حضور كبير عالمياً، وكان للحوادث في سورية الأثر الكبير عليه التي أثرت بشكل ما على مواصلة وتواتر تطوره .. غاب الكثير من الفنانين إن كان رحيلاً أو هجرة .. وبرز على الساحة التشكيلية الكثير من الهواة الذين حلوا في جزء ما مكان التشكيليين المحترفين، حدث ذلك بعد الفراغ الكبير الذي حصل .. كما أن المعارض السنوية التي كانت سابقاً غنية جداً فنياً أصبحت تعج بالأعمال التي لا ترتقي لما كان سابقاً وغابت عنها أسماء كثيرة من التشكيليين السوريين المهمين ..فلذلك نجد أننا نرجع للفنانين الرواد نستحضرهم دائمًا وقليلاً ما تسلط الأضواء على التجارب الجديرة بالبحث .. كما أن قلة النقد الموضوعي المختص غير المنحاز يؤثر سلباً على تطوره.
وطرح الفنان (محمد .س. حمود) وجهة نظره بقوله: بالنسبه للهواجس والتطلعات والمعوقات في التشكيل السوري.. وحسب وجهة نظري أن لكل فنان هاجساً يشغل فكره وإبداعه هو عدم تقدير وتشجيع الحركة الثقافية الفنية وعدم المبادرة لاقتناء الأعمال.. وهذا يقلل من إنتاج وإبداع الفنانين.. حيث يتطلع كل فنان إلى بلوغ الغاية الأسمى لإيصال رسالته الفنية كون مهمة الفنان طرح الحالات الإنسانية والاجتماعية وإظهار القيم الاجمالية والتثقيفية لمحيطه الاجتماعي.. ولكن هذه الأفكار تعترضها بعض المعوقات أهمها الغلاء العام الفاحش لكافة المواد التي يحتاجها الفنان.. ثم قلة أو ندرة اهتمام القيمين على الحركة الفنية.. ثم يجب إقامة صالة أو متحف خاص بالفن الحديث في كل محافظة تعرض فيه الأعمال الفنية المميزة الرائعة وكذلك التجارب الفنية الجديدة المميزة وأخيراً.. أمنية..نتمنى فتح صالات من قبل الدولة لبيع المواد التي يحتاجها الفنان ولو في العاصمة.