الثورة – سهيلة إسماعيل:
يجتمع في مدينة حمص عدد من الأطباء والمهندسين الذين وجدوا في الشعر رفيقًا لرحلتهم المهنية، فجمعوا بين دقّة العلم وجمال الإبداع. رأوا في القصيدة معمارًا لغويًا، وفي مهنتهم بناءً للروح والجسد معًا.
في حديثه لصحيفة الثورة يقول الدكتور عبد المعطي الدالاتي، الحاصل على شهادة في الطب البشري من جامعة دمشق عام 1985، وإجازة في الأدب العربي من جامعة حلب:
“أحببتُ الجمال منذ طفولتي، وكان كتاب الله قبلتي في الأدب، فتشرّب قلبي الأسلوب القرآني، كما بهرني الجمال في الحديث النبوي. درست الطب ثم الأدب العربي، واليوم أعمل في التحاليل الطبية وأكتب الشعر. فالطب يتعامل مع جسد المريض، والشعر يعالج روحه”.
أصدر الدالاتي عدّة دواوين منها لحن البراءة، وأحبك ربي، وعطر السماء، الذي يقول فيه:
أَعيدوا في حنايانا نشيدًا فاض ألحانًا
نشيدًا فاق في ريّاه آذارَ ونيسانَا
من جهته يرى الدكتور محمود عزّو الحسن أن الطب والشعر يشتركان في الإحساس الإنساني، فيقول:
“تذوقت الشعر قبل دخول المدرسة وكتبته بعد تعلمي القراءة. درست الطب في رومانيا عام 1981 وترجمت أعمالًا بين العربية والرومانية، وأصدرت مجموعات شعرية منها عناقيد الهوى، وزنابق ورياحين”. ومن أبياته:
لبستُ قصيدتي وحملتُ دربي
وأسرجتُ العواصفَ والرياحَا.
أما المهندسة ريما الخضر فتصف الشعر بأنه “وحيٌ نزل عليّ في الثالثة عشر”، وتقول في تصريحها للثورة: “الهندسة ترتب أولويات القصيدة وتمنحها توازنها الجمالي. كلا المجالين يحتاج إلى الموهبة والإبداع”.
من أعمالها: امرأة لكل الاحتمالات، وفي مديح الزنبق، وقصائد غير مأهولة.
ويؤكد المهندس أحمد الحمد أنّ الشعر والهندسة يلتقيان في حبّ الدقة: “القصيدة عملٌ هندسي في شكلٍ فني. الشاعر يستخدم خياله ليبني نصًا متينًا كما يبني المهندس عمارته”. من ديوانه أقلّ ارتفاعًا:
أنا رؤيا من صحوةٍ ومنامٍ ووميضٌ
من لهفةٍ… واحتراقِ
فيما ترى المهندسة عذاب رستم أن الشعر “انتصارٌ معنوي ننجز به ما أخفقنا في تحقيقه على أرض الواقع”، قائلة في تصريحها لنا: لقد أصدرت ديواني مذكّرات وطن في امرأة والغفران. وتختم بقولها في قصيدتها فنجانه الممل:
عبثًا أبعثُ ألحاني
وكأني أحرّكُ بشفتيَّ ملعقةَ قهوةٍ
في فنجانه المملِّ.
روح واحدة… في مهن متعددة
يثبت هؤلاء الأطباء والمهندسون أن الشِّعر لا يعرف حدود التخصصات، وأن الحسّ الإنساني قادر على الجمع بين لغة العلم وجمال الفن، فيغدو الطب علاجاً للجسد، والشعر شفاءً للروح.