المشاريع الصغيرة.. نمط تقليدي في التفكير والتشغيل

الثورة – وعد ديب:

في ظل المساعي المتواصلة لإعادة إعمار سوريا، تبرز المشاريع الصغيرة والمتوسطة كواحدة من أهم ركائز النهوض الاقتصادي، لكونها الأقرب إلى الواقع، والأسرع في التفاعل مع حاجات المجتمع، والأكثر قدرة على خلق فرص العمل بشكل مباشر.

في هذا الصدد، أشار الباحث الاقتصادي حسين الإبراهيم إلى أن هذه المشاريع لم تعد مجرّد خطوة بديلة أو مرحلة انتقالية، بل أصبحت ضرورة اقتصادية حقيقية.

وبين في حديثه لـ”الثورة” أنها تمثل النواة الأساسية لأي اقتصاد سليم يسعى للاستقرار والنمو، ناهيك عن قدرتها على التكيف مع مختلف الظروف والتحديات.

من جهة أخرى، يرى الإبراهيم أن هذه المشاريع توفّر حلاً عملياً للبطالة المتزايدة، وتمنح فئات واسعة من الشباب فرصة للانخراط في سوق العمل دون الحاجة لرأس مال ضخم أو موارد ضخمة.

إلا أن الطريق إلى تأسيس هذه المشاريع، والكلام للباحث الاقتصادي، لا يخلو من العراقيل، فالوصول إلى التمويل ما زال معقداً، ليس فقط بسبب ضعف السيولة المتاحة، بل نتيجة الشروط التعجيزية التي تُفرض على المقترضين، والتي قد تفوق أحياناً إمكانياتهم الواقعية.

مشيراً إلى مشكلة البيروقراطية الطويلة في الترخيص والتسجيل، وضعف البنية الداعمة من تدريب وتوجيه.

تفكير مختلف

وأوضح أن مرحلة إعادة الإعمار تتطلب تفكيراً مختلفاً، ينطلق من دعم المبادرات المحلية، وتسهيل تأسيس المشاريع الصغيرة، وليس فقط انتظار الاستثمارات الكبرى.

فالنهوض لا يبدأ بالمصانع العملاقة فقط، بل من ورشة صغيرة، أو فكرة مبتكرة تُحسن خدمة أو تُعالج حاجة.

وبيّن الابراهيم، أن الحلول موجودة، لكنها بحاجة إلى قرار واضح وإرادة حقيقية، مثل إعادة النظر في شروط القروض، وإتاحة التمويل بفوائد ميسرة وضمانات معقولة.

بالإضافة إلى دعم حاضنات الأعمال بشكل فعّال، وتطوير القوانين التي تُسهل تأسيس المشاريع بدلاً من تعقيدها.

أما عن قابلية سوريا لاحتضان مشاريع ريادية جديدة، فقد رأى الإبراهيم، أن الأرضية موجودة، والطاقات البشرية متوفرة، لكن البيئة العامة ما تزال تُغلب النمط التقليدي في التفكير والتشغيل.

وبرأيه، فإن إدخال أفكار جديدة لا يتطلب دائماً تقنيات خارقة، بل يتطلب فهماً عميقاً لاحتياجات المجتمع المحلي.

واقترح في هذا السياق، التوجه نحو مجالات مثل الطاقة الشمسية لما لها من أهمية في ظل الأزمات المتكررة في الطاقة، بالإضافة إلى الزراعة الذكية، التي تعزز الإنتاج وتُقلل الفاقد، إلى جانب مشاريع إعادة التدوير، والتجارة الإلكترونية التي باتت سوقاً واعداً حتى في الدول النامية.

كما أشار إلى أهمية تطوير الخدمات المتنقلة، خصوصاً في مجالات التعليم والصحة، كونها قادرة على الوصول إلى مناطق محرومة، وبكلفة أقل.

لاتكفي لصناعة اقتصاد

وفي ردّه على سؤالنا.. حول ما إذا كان من الأفضل العودة إلى المشاريع التقليدية؟.

قال: إن هذه المشاريع ضرورية ولا غنى عنها، لكنها وحدها لا تكفي لصناعة اقتصاد حديث ومتجدد، موضحاً أن “التقليدي” يمكن أن يصبح مبتكراً إذا ما أُدخلت عليه أدوات جديدة، أو طُور في أسلوب تقديمه.

وبخصوص ما هو مطلوب من الجهات المعنية؟ شدّد الإبراهيم على أهمية تهيئة بيئة تشريعية مرنة، وإطلاق برامج تدريب حقيقية بالتعاون مع الجامعات، إلى جانب تبنّي حاضنات أعمال تكون فعّالة فعلاً، لا مجرد مبادرات إعلامية، بالإضافة إلى غرس ثقافة الريادة في التعليم منذ المرحلة الثانوية.

وفي نهاية المطاف، فإن مستقبل سوريا الاقتصادي لا يتوقف على حجم الاستثمارات فحسب، بل على نوعيتها وواقعيتها، فالمشاريع الصغيرة، مهما بدا حجمها محدوداً، تملك القدرة على تحريك عجلة الاقتصاد من قاعدته، وإعادة توزيع الفرص بعدالة، وبناء منظومة إنتاج مرنة وأكثر استدامة.

آخر الأخبار
"التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي "تربية حلب" تواصل إجراءاتها الإدارية لاستكمال دمج معلمي الشمال محافظ إدلب يلتقي "قطر الخيرية" و"صندوق قطر للتنمية" في الدوحة "تجارة دمشق": قرار الاقتصاد لا يفرض التسعير على المنتجين التأمين الصحي.. هل أصبح عبئاً على الموظف؟ كيف نواكب التقدم التكنولوجي دون التفريط بصحتنا ؟