بشرى سليمان:
نحتفل بعيد الأم تكريماً لها، وتقديراً للجهد العظيم الذي تقدمه بكل حب بدون شرطٍ أو مقابل، إنها الملجأ والسند والمعلمة والصديقة، هي لون الحياة في قلوب أطفالها ومصدر القوة والسعادة حتى لو كان طفلها مختلفاً أو لديه إعاقة، فهي التي تساعده على تقبلها، بل وتجاوزها لينجح في مجتمعه كباقي الأطفال.
في جمعية شمعة أمل للأطفال ذوي الإعاقة التقت صحيفة الثورة بعض الأمهات الرائعات لتروي كل منهن تجربتها مع طفلها المعوق، فالسيدة مها الحسن أصيبت بالاكتئاب عند تشخيص حالة ابنها بمتلازمة داون وسيطر عليها الخوف من عدم قدرتها على فهمه والتعامل معه، أو إهمال إخوته لأن وقتها سيكون مكرساً للعناية به وحده، والأهم من ذلك تكلفة علاجه، والبحث عن مراكز متخصصة لرعايته كل ذلك يتخطى قدرتها المادية، إلا أن احتضان الجمعية لولدها ورعايته والاهتمام به وبها من خلال دعمها وتثقيفها بكل مايخص حالة ابنها و طرق التعامل معه وتحسين حياته، حولها لأم إيجابية قادرة على تنظيم وقتها والاهتمام بأسرتها وبنفسها.
أما إلهام كسيري فلها قصةٌ أخرى، إذ تطوعت للعمل بالجمعية كرمى لعيون أخيها أحمد الذي يعاني ضموراً عقلياً لتكون ملازمةً له فاتبعت دورات كثيرة في الجمعية وأحبت هذا النوع من العمل ثم تقدمت لامتحانات الشهادة الثانوية ودخلت كلية رياض الأطفال العام الفائت، وهي الآن مدربة تعديل سلوك، وأم ثانية لأحمد الذي تحول بفضل مساعدتها وجهدها الدؤوب لمدة ثلاث سنوات بالاشتراك مع كوادر الجمعية، من طفل يفتقد لأي تواصل اجتماعي إلى طفل متفاعل يلعب مع رفاقه وينطق أسماءهم بشكل جيد.
وعن ترك عملها في رياض الأطفال لتلحق شغفها بالعمل مع الأطفال المعوقين في ذات الجمعية، بينت لما شدود أنها وجدت نفسها في هذا المكان وحققت هدفها بأن تكون مدربة نطق وصعوبات تعلم، وهذا مامكنها من التعامل مع طفلها بطريقة صحيحة ومتابعة نموه اللغوي والنفسي بشكل سليم، داعية الأهل الذين لديهم أطفال يعانون من صعوبات التعلم ومشاكل النطق عدم القلق لأنها قابلة للعلاج، وكل ماعليهم هو فهم صعوبات أطفالهم النمائية أو الأكاديمية بمسمياتها وتفاصيلها مع الصبر والمتابعة في الخطة العلاجية.
صعوبات نفسية واجتماعية
و نوهت يارا أحمد (اختصاصية تربية الطفل- مديرة حالة في جمعية شمعة أمل) إلى أن الجمعية تستقبل حالات ذوي الإعاقة من ( توحد- صعوبات تعلم – صعوبات نطق – فرط حركة وتشتت انتباه – إعاقات عقلية) من (3-16) سنة وتقدم لهم خدمات تأهيلية وتدريبية حتى يصل الطفل لأقصى درجة من القدرة على الاعتماد على ذاته.
وتحدثت عن وجود صعوبات نفسية واجتماعية تمر بها أسرة الطفل المعوق وحالة من التوتر والضياع، فتكون المرحلة الأولى هي تشخيص حالة الطفل بدقة بطلب تحاليل فيتامينات ومعادن وصور للدماغ وفحص بصر وسمع وجمع بيانات عن الطفل المختلف عن إخوته وأقرانه ثم إجراء اختبارات ذكاء، أو اختبارات إدراكية حسب مشكلة الطفل، ثم يتم تقييم حالة الطفل بشكل كامل وتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف عنده، واستعمال نقاط القوة لتقوية جوانب الضعف الموجودة لديه مع مراعاة تفرد كل طفل بذاته.
وأخيراً تقوم الاختصاصية بوضع خطة علاجية قائمة على جلسات فردية وجماعية حتى لايشعر الطفل بالانعزال ويحقق نمواً لغوياً وتعلماً كباقي الأطفال.
وترى أن الأم هي صاحبة أهم دور في خطة العلاج بسبب تواجدها الدائم معه معظم الوقت (دون أن ننفي الدور الهام الذي يلعبه الأب في حياة الطفل إلا أن معظم الآباء يتركون المهمة كاملة للأم لأسباب متعددة لسنا بصدد الحديث عنها) ولكي تنجح الأم بالدور المناط بها يجب أن تتحلى بالوعي الكافي لتقبل حالة ولدها وأن تكون صبورة جداً أمام الضغوطات الكبيرة لأن طفلها بحاجة مجهود مضاعف مقارنةً بإخوته او أقرانه، لذلك يتم التواصل والتنسيق معها وقد يتم إشراكها بدورة تدريبية أو ورشة عمل لتتعرف أكثر على مشكلة ابنها بدءاً من المصطلحات إلى الأعراض وطرق التعامل معه، لتبدأ بعد ذلك مرحلة العلاج بالاشتراك مع الأم فيتم إطلاعها على الخطة الفردية لتعرف مايتوجب عليها القيام به في المنزل والتقيد الحرفي بالخطة لتحقيق النتائج المرجوة.
أخيراً توجهت يارا أحمد برسالة لكل أمٍّ لديها طفل بإعاقة ما: نحن معك، موجودون لمساعدتك وأنت لاتختلفين عن أي أمٍّ أخرى بل أنت الأنجح و الأقدر، وبصبرك وإرادتك تستطيعين تحسين حياة طفلك.