الثورة – مجد عبود:
على أنقاض الحرب التي أشعلتها سياسات النظام المخلوع، وبين محاولات السوريين المتواصلة لإعادة ترتيب تفاصيل حياتهم اليومية، يبرز اسم مصطفى التكريتي، ميكانيكي من دمشق، يجسّد بتجربته قصة جهد بين مهنة شاقة وأحلام بسيطة.
ورشة متنقلة.. من رحم المعاناة
يروي مصطفى حكايته لـ”الثورة” قائلاً: “كنت أمتلك محلاً وأحظى بعدد كبير من الزبائن، عملت فيه لسنوات، إلى أن جاءت الحرب التي أطاحت بكل شيء، ففقدت المحل وأحلامي معه، لكنني لم أستسلم.. حملت عدتي، ووزعت رقمي على زبائني القدامى، وبدأت أتنقل بين الأحياء حسب الحاجة، أبحث عن رزقي”.
الإيجارات تثقل كاهلنا
ومع كل هذا الجهد، تظل الإيجارات المرتفعة هي العائق الأكبر، إذ يقول مصطفى: الإيجار وحده يكلف بين مليونين ونصف إلى ثلاثة ملايين، هذا من دون حساب فواتير الكهرباء والمصاريف الأخرى، صرنا نعمل فقط لتأمين الإيجار!، مؤكداً أن الدخل المتواضع لا يكفي لمواجهة هذا الكم من النفقات.
تحديات العمل
وبما أن عمله اليوم يعتمد على التنقل، تظهر مشكلة أخرى، إذ يواجه أحياناً شكاوى من سكان الأحياء التي يعمل فيها، بسبب الضجيج أو توقف السيارات لفترات طويلة أمام منازلهم.
أحلام مشروعة.. وشروط تعجيزية
مصطفى لا يطلب الكثير، فقط بيئة عمل تحفظ جهده، قائلاً: أتمنى تخفيض الإيجارات، وتوفير محال صغيرة بأسعار مناسبة ضمن المدن الصناعية، أو إطلاق مبادرات حقيقية لدعم الحرفيين، متابعاً: تقدمت بطلب للحصول على كشك صغير، لكن طُلب مني وجود عداد ماء أو كهرباء باسمي، وأنا مستأجر، فكيف أحقق ذلك؟.
من أجل لقمة العيش
يختم مصطفى حديثه وهو يشد على عدته كأنها رفيق دربه في معركة الحياة.. ما نعيشه اليوم حل إسعافي ومؤقت، لكن الأهم أن نواصل العمل بكرامة، حتى لو كان الجهد مضاعفاً.
على الرغم من كل الصعاب، يبقى مصطفى نموذجاً لصمود السوريين، يبتسم ويقول: “نشتغل لنعيش.. لا أكثر”.