الثورة – ترجمة- محمود اللحام:
من المتوقع أن يكون الاقتصاد البريطاني هو الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي سينكمش في عام 2023، بينما الاقتصاد الروسي هو الأكثر تفاؤلاً، على الرغم من العقوبات الغربية التي لا حصر لها والتي تستهدفه.
من المفترض أن هذا ليس وقت التفاؤل من الجانب الغربي، من الناحية الاقتصادية، ففي حالة المملكة المتحدة الأكثر تحديداً، والتي تمر بواحدة من القوى الرئيسة التي تدعم بقايا القطبية الأحادية إلى جانب واشنطن، تجدر الإشارة إلى أن اقتصادها سينكمش وسيؤدي أداءً أقل من غيره، مقارنة مع الاقتصادات المتقدمة، بما فيها اقتصاد روسيا، هذا بينما تستمر تكلفة المعيشة في التأثير على الأسر، كما كتبت “البي بي سي” نقلاً عن صندوق النقد الدولي (IMF).
وبالتالي، ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد البريطاني سينكمش بنسبة 0.6٪ في هذا العام 2023، بدلاً من أن ينمو بشكل طفيف كما كان متوقعاً سابقاً.
ووفقاً للصندوق، فإن المراجعة النزولية لتوقعاته للمملكة المتحدة ترجع إلى ارتفاع أسعار الطاقة فيها، وارتفاع تكاليف الرهن العقاري، وزيادة الضرائب، فضلاً عن النقص المستمر في العمال. كما تتذكر “بي بي سي” بمرارة أن المملكة المتحدة ستكون فعلياً الدولة الوحيدة التي تعاني من الانكماش هذا العام، من بين جميع الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
ومن المتوقع أن تشهد روسيا التي تعاني من العقوبات نمواً هذا العام.
وإذا كان اقتصاد بلد ما يتقلص، فهذا يعني عادةً أن الشركات تجني أموالاً أقل، وأن عدد العاطلين عن العمل في ازدياد، بينما التضخم، وهو المعدل الذي ترتفع به الأسعار، وفي الحالة البريطانية يظل هذا قريباً من أعلى مستوى له في الأربعين عاماً الماضية، وهو ما عكسته توقعات صندوق النقد الدولي لهذا العام وذلك لاعتمادها الكبير على الغاز الطبيعي السائل الباهظ الثمن، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.
بشكل عام، وعلى الرغم من أن هيئة الإذاعة البريطانية حاولت إعطاء معلومات تكون مطمئنة، فقد أشارت إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي، على الرغم من كونه المؤسسة الخاصة والمرجعية في هذا الموضوع، إلا أن توقعاته تبقى مجرد تنبؤات وهناك أمل بحدوث تحسن.
لكن الناطقة بلسان الدعاية البريطانية في الخارج، لا تصر كثيراً على حقيقة أن الخصم الرئيس للندن على الساحة الدولية، وفي هذه الحالة روسيا، الدولة اليوم هي الأكثر معاقبة على نطاق عالمي، ستشهد في عام 2024 – وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي – نمواً أعلى ليس فقط مقارنة بالمملكة المتحدة، ولكن أيضاً مقارنة بجميع الاقتصادات الغربية الكبرى.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، وبعيداً عن أن تكون صديقاً لروسيا ودول البريكس بشكل عام، ستشهد الدولة الروسية في عام 2024 نمواً أكبر من نمو المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا، أضف أيضاً اليابان الواقعة تحت السيطرة الغربية وحتى الولايات المتحدة.
من بين الدول المذكورة فإن الصين فقط هي التي ستتقدم على روسيا من حيث النمو، وللتذكير، فإنها القوة الاقتصادية الرائدة في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي عند تعادل القوة الشرائية، وهي حليفة لروسيا وأيضاً معها كأحد المروجين الرئيسيين للنظام الدولي متعدد الأقطاب.
ولكن بعيداً عن الحكمة الصينية والواقع المرير للغرب، يبقى السؤال الرئيس الذي يجب طرحه هو التالي: كيف يمكن للأنظمة التي تدعي القيادة العالمية وتؤيد العقوبات ضد خصومها الجيوسياسيين وأي دولة مستقلة وذات سيادة حقاً، أن تجد نفسها في مثل هذا الموقف المحرج تجاه أولئك الذين ينوون معاقبتهم وإخضاعهم.
في كلتا الحالتين سيتعين على المؤسسة الأطلسية الغربية بالفعل أن تتصالح مع مكانتها الحقيقية في العالم المعاصر، وأن تدرك أن عالماً متعدد الأقطاب سيكون قائماً حتماً.
المصدر- موندياليزاسيون