الثورة – عبد الحميد غانم:
الأجواء الإيجابية التي تشهدها المنطقة خاصة التحركات السياسية والنشاط المتميز من خلال زيارات السيد الرئيس بشار الأسد إلى روسيا الاتحادية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، وكذلك رعاية الصين للاتفاق السعودي الإيراني، والتي حملت معها تباشير بانفراج قريب للأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، وتمهد إلى استقرار وهدوء في المنطقة، مما يشجع لتحسن الوضع في المنطقة بعد سنوات من التوتر وعدم الاستقرار، أزعج وأقلق الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية الغربية والكيان الإسرائيلي، وهي ليست مرتاحة للتقدم الإيجابي نحو تعزيز عوامل الاستقرار والسلام والتنمية في ربوع المنطقة، التي عانت كوارث عديدة جراء السياسات الأميركية التي أدخلت ليست المنطقة فحسب بل العالم في دوامة من التوتر وعدم الاستقرار.
لذلك لا نستغرب التصعيد الأخير لعدوان الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مواقع ومطارات مدنية في سورية ، متزامنة مع تحرك قوات الاحتلال الأميركي باستهداف سكان الجزيرة السورية وشرق الفرات ونهب النفط السوري، وتحرك تنظيم داعش الذي ترعاه أميركا باستهداف المدنيين.
كل ذلك يدخل في إطار الغيظ الأميركي والإسرائيلي جراء ما تشهده المنطقة من تحركات واتجاهات إيجابية تسهم في تعزيز أجواء الاستقرار والسلام في ربوع المنطقة، وأن الامتثال للاتفاقية السعودية الإيرانية سيسهم في نظام إقليمي مستقر ومزدهر، ويشجع لمزيد من تعزيز العلاقات بين دول المنطقة، ويصاحب إنجازات تساعد على نجاح التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، مما يفعل مبادرة الصين الحزام والطريق التي لاقت استحسانا وترحيباً من دول المنطقة.
في الوقت ذاته يصطدم المشروع الأميركي الغربي الإسرائيلي بنكسات وهزائم جراء فشله في إخضاع روسيا من خلال إشعال حرب في أوكرانيا وفشل عقوباته التي انعكست سلباً على أوروبا، كما فشلت محاولات الضغط الأميركي على الصين بمختلف أدواته المستخدمة، بل على العكس تعزز الدور الصيني ووجدت مبادراته الاقتصادية والتنموية ترحيباً دولياً وإقليمياً أبرزها رعاية الاتفاق السعودي الإيراني، كما فشلت المحاولات الغربية للضغط على إيران بشأن برنامجها السلمي النووي، ولم تفلح تلك المحاولات في ثني الأصدقاء الإيرانيين عن برنامجهم السلمي.
أمام هذه التحولات الإيجابية التي سجلتها سورية وروسيا والصين وإيران في المشهد الإقليمي والدولي، فإنه ليس غريباً أن نرى انزعاجاً أميركياً وغربياً وإسرائيلياً، حيث تعتبر حكومة المتطرف نتنياهو اليمينية أنها الخاسر الأول والأكبر جراء ذلك، فلا نستبعد أن تصعد التوتر في المنطقة، وقد تلجأ إلى مغامرة متهورة غير محسوبة النتائج، لكنها على الأغلب ستدفع ثمن تهورها، وستكون خسارتها أكبر مما تتوقع.
كما لا نستبعد أن تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها أن يعطلوا الطريق نحو التعددية القطبية والاستقرار في العلاقات الدولية حتى لا تضيع من يدها الهيمنة والسيطرة على القرار السياسي والاقتصادي العالمي وتبقى على رأس هرم التحكم الدولي.
الإنجازات التي حققتها سورية والدول الحليفة والصديقة اليوم في المشهد الدولي بشكل عام، تؤكد إرادتها الحرة وسيادتها، ولا تستطيع الدول التي تعتبر نفسها المهيمنة على العالم أن تفرض مخططها العدواني.
لقد أكدت التطورات والأحداث أن الدول ذات السيادة الآن قادرة على اتخاذ القرارات أو تنفيذ الإجراءات بشكل مستقل عن أي حدث أو حالة سابقة للكون، ولن تكون الإدارة الأميركية وحلفاؤها أن يتحكموا بمستقبل العالم الذي يخطو الآن نحو التعددية القطبية والعدالة والمساواة في العلاقات الدولية، وأن الأحادية القطبية التي تسببت بالويلات والكوارث في العالم آخذة بالأفول، وبقُرب نهاية 80 عاماً من الهيمنة الأمريكيّة الغربية على المِنطقة، وصُعود دور روسيا والصين كلاعبٍ استراتيجيٍّ مُهم في المِنطقة والعالم، سياسيّاً واقتصاديّاً.