عبير محمد:
غالباً لا يتمكن الآباء من توصيف المشكلات التي يمر بها أبناءهم وخاصة في المراحل العمرية الأولى ولاسيما الطفل الذي يعاني من صعوبات في تعلم اللغة dyslexia وهي اضطراب تعلم الحروف وربط الكلمات والجمل في ذهنه بطريقة صحيحة ومنطقية، وهذا الاضطراب أثبت علمياً على أنه اضطراب جيني يوثر لاحقاً في المستوى الدارسي للطفل وعلى مستوى علاقاته الاجتماعية.
فمصطلح عسر القراءة هو اضطراب في كيفية استقبال المعلومات عن طريق الحواس ومن ثم معالجتها والتعامل معها في الدماغ ومن ثم كيفية التعبير عنها بكلمة أو جمل مفيدة في حينها, فالجهاز العصبي عند الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب لا يمكنه من التعبير عن ذاته بشكل سليم وواضح.
ولعل سبب ذلك الاضطراب الذهني الذي يؤدي للصعوبات غير مؤكد تماماً، ولكن يوعز معظم علماء النفس إلى عوامل وراثية أو بيولوجية عصبية تعمل على تغيير أداء الدماغ بطريقة تؤثر على واحدة أو أكثر من العمليات المعرفية المتعلقة بالتعلم، نظراً لعدم اهتمام الأم بالجنين أثناء الحمل كتناولها لعقاقير مؤذية لحالة الجنين، أو تعرض الطفل لمشاكل بيئية بعد الولادة وتعرضه للسموم ومن ثم تلاحظ الأم بوجود تأخر بالمشي أو عدم التوازن أو تأخر بالنطق.
فيحدث عسر القراءة وذلك عندما يواجه الدماغ صعوبة في الربط بين الأصوات والرموز (الحروف) ناجمة عن مشاكل غير مفهومة في بعض توصيلات الدماغ وقد تؤدي إلى وقوع الطفل في أخطاء إملائية وكتابية، ما يقلل من سرعته ودقته عند القراءة بصوت عالٍ.
وهكذا تتراوح صعوبات التعلم من ناحية البطء باستقبال المعلومات والاستيعاب والتذكر لأنه يضع جهده الأكبر في فك الكلمة لنطقها وأيضاً صعوبة الكتابة (ديسكرافيا) بمعنى لا يستطيع أن يكتب بشكل آلي حروفاً كبيرة وأحياناً مسافات متباعدة وربما لا يكمل الخط، ولا يستطيع تأليف جملة.
أما صعوبة الحساب فتكمن بفهم واستيعاب المفاهيم الرياضية والتفكير المنطقي ولا يعرف التعامل مع الأعداد ومهارات الحساب.
فالتشخيص يكون بين الأهل والمدرسة ودرجة ذكاء الطفل ومدى الصعوبات التي لديه.
وانطلاقاً مما تقدم توجهت الثورة بالسؤال للاختصاصية هبة عرنوق (استشارية أسرية ونفسية) حول الحلول التي يمكن أن تساعد الطفل والأهل في تخطي هذه المشكلة, حيث اعتبرت عرنوق أن فهم حالة الطفل واستيعاب الأهل لذلك الاضطراب هو بداية الحل لأنها تساعدهم على إيجاد حلول ليحسن الطفل من أدائه.
كما أن لصعوبات التعلم درجات متفاوتة من السهولة، وهنا يجب قياسه وإدراكه للتعامل معه، والأهم ضرورة أن يعرف الطفل بأن طريقة استقبال واسترجاع المعلومة ليست بنفس الطريقة المتواجدة عند الأطفال الآخرين، مضيفة أن الشيء المهم أيضاً هو إدراك نوع صعوبات التعلم سواء أكان في القراءة أو الحساب حتى نتمكن من مساعدته بكل واحدة على حدة بهدوء كي لا يصاب بتشويش مع تكثيف الجلسات والبدء معه ضمن أدوات حسب عمره، فأدوات التعلم تكون لمسية وحسية وبصرية أي بعدة حواس حتى يتعرف الطفل تماماً كيف يسقط المعلومة من بصرية ومن حسية على الورق، وتعليم الطفل الاتجاهات جيداً لكي يشكل الرقم أيضاً بجسده كي يدرك تماماً المعلومة لتحضر كافة الحواس ويعرف حركة قدمه ويده واتجاهما فيتذكر الحالة الحسية التي كان فيها ويسقط المعلومة.
وقالت الاختصاصية الأسرية: من المهم أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار بأن من لديه صعوبات التعلم يستهلك من الطفل طاقاته العقلية والانفعالية وتبدو عليه مظاهر سوء التكيف الشخصي والاجتماعي فينعكس عليه ويميل للانطواء ويكون صورة سلبية عن نفسه فيشكو من عدم الثقة بالنفس، ومن تنمر بعض الأشخاص عليه والاستهزاء منه، فترافقه المشكلات النفسية، ما يتطلب تعزيز نقاط القوة لديه وتحفيزها ودعم الطفل كثيراً من أهله ومعارفه ومدرسته.