ثبت بالتجربة أن محاولات ضبط الأسعار عبر الرقابة المباشرة والمتابعة غير مجدٍ، ليس للسلع الاستهلاكية وحسب، بل للأدوية والمعدات الهندسية والتجهيزات الكهربائية والخدمات وسلسلة طويلة من الاحتياجات اليومية التي تستنزف دخل المواطن ومدخراته.
وانعدام الجدوى يعود لأسباب متعددة.. تشريعية وبشرية وتنظيمية، وأخرى متعلقة بالظروف التي يتذرع بها التجار، والمشكلة الأكبر “ميكانيكية”، أي ميكانيك العمليات التجارية وتعدد الحلقات والوسطاء، بما أنَّ كل حلقة ترتب زيادة في التكلفة التي يدفعها المستهلك.
من هنا يبدو من الحكمة والمرونة البحث عن خيارات أخرى لحماية المستهلك، ومعالجة مسألة العرض والطلب بطرق فنية تنظيمية تقرّب المسافة بين المستهلك والمنتج صناعي كان أم زراعي..
أي اختصار الحلقات التجارية.. البازارات.. أسواق الفلاحين و”السورية للتجارة”، وهذه الأخيرة تمتلك قدرات هائلة لإتاحة خيارات سلعية واسعة وبأسعار مقبولة أمام المستهلك عندما تتوفر الإرادة، والدليل ما بدأته خلال الأسبوع الأخير على مستوى أسعار اللحوم الحمراء والفروج، والأسعار التي أتاحتها للمستهلك، وبشكل يترك تساؤلات كثيرة عن الأسباب التي منعت المؤسية من أن تفعلها سابقاً.
هنا تبدو تطبيقات عبارة “من المنتج إلى المستهلك” سرّ كل مايجري، وليس في المسألة ألغاز و إعادة اختراع الدولاب مثلاً.
ما بدأته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، هو عودة عن أخطاء سابقة وتصويب لآليات عمل مضطربة، أداء صامت وفعّال أفضل ألف مرة من مجرد ضجيج إعلامي دون أثر يُذكر على الأرض، فما يهم المستهلك هو أن يحظى باحتياجاته بأسعار مقبولة، وليس “الإنجازات” الفيسبوكية وعلى منصّات التواصل الاجتماعي.
نهى علي