عندما نبحث عن جذور مشكلة سلوكية ما وحلول لها، أو نشخص ظاهرة اجتماعية مرضية لإيجاد دواء، نخص بالذكر الأسرة التي تعددت مهامها وكبرت مسؤولياتها في زمن كثرت فيه تحديات الشاشة الزرقاء، فالفيسبوك وأخواته يضجون بأصدقاء هم أشد تأثيراً على حياة الأبناء من الآباء، إذ غالباً ما يصدقونهم الرأي والمشورة.
في عزلة افتراضية يغوصون في دردشات تلتهم وقتهم وتأخذ عقولهم إلى عوالم غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا ..وتتضارب مع قيم أسرية وسلوكيات محددة، وتتقطع خطوط الاتصال بين أفراد الأسرة وتتمزق بعض مظاهر الحب والحنان التي كان الأبناء يحظون بها .
ضغوط الحياة الراهنة وإيقاعها السريع المتقلب وتحدياتها القاسية الحادة تحتاج إلى بصر وبصيرة، ذكاء وحرص لابد فيهما أولاً من جهد الأسرة وعطاء المنزل، ويكون ذلك بتربية الآباء، والمقصود هنا توجيههم تربوياً، وتثقيفهم أسرياً عبر برامج منظمة ينبغي ألا تقتصر على المعلومات والنظريات، بل لابد من أن تتاح فيها فرص التدريب الكافية بحيث يكتسب الآباء القدر اللازم من المعارف التي تساعد على فهم سلوك أولادهم وطريقة التعامل معهم، وهنا تبرز أهمية الدورات التدريبية التأهيلية للمقبلين على الزواج .
في سبيل أسرة سعيدة على الآباء أن يضعوا في الاعتبار اختلاف زمان الأبناء وظروفهم عن زمانهم وأن يضعوا أنفسهم مكانهم عند عقابهم أو حرمانهم من بعض المزايا الممنوحة، والأسرة التي يجد فيها الصغير فرصة لكي يقص حكاية أو مشكلة على الكبار المحيطين ويجد آذاناً صاغية وعقولاً منفتحة، هي أسرة يسودها جو من الإيجاب والديمقراطية ويزدهر فيها الاتصال ويسعد أبناؤها بجو من التفاؤل والاطمئنان .
،