رفاه الدروبي:
تعتبر الحمامات إحدى المعالم التاريخية المميزة في سورية، وكان المعماريون القدماء يتسابقون في زخرفتها واكسائها بحلّة جميلة، ويعود بناؤها للعهد الأموي، وبعض المؤرخين أعادها للعصر الروماني.
كانت توضع جانب المساجد والخانات وما زالت أبنيتها موجودة إلى وقتنا الراهن، ويقارب عددها 74 حماماً في سورية حسب مديرية المباني التاريخية، فيما يشير ابن عساكر في كتابه عن تاريخ دمشق (1169 م) إلى أن عددها في المدينة والمناطق المرتبطة بها وصل إلى 137 حماماً، وكان أحد أسباب وجودها وفرة مياه الينابيع وغزارة الأنهار، واعتمد توزيعها على نظام يُدعى الطالع في دمشق مهمته توزيع حصص المياه على الأحياء وفقاً لوحدة قياس تُدعى القيراط، ولعبت دوراً اجتماعياً مهماً في الحياة اليومية للمجتمع المحلي إذ كانوا يجتمعون عشية الأعياد ومناسبات الزواج إضافة إلى أنها مقصدٌ للقاء الأقارب والأصدقاء وللنزهة.
مدير المباني التاريخية بدمشق المهندس أحمد دالي أشار إلى انتشار الحمامات الرومانية خاصة في مراكز المدن، وتواجدها في بصرى الشام وتدمر، ولفت إلى عدم وجود حمامات تعود إلى الفترة الأموية، وإن أقدمها من الفترة السلجوقية كحمام نور الدين الشهيد، أو الفترة الزنكية واستمرت في المملوكية وما تلاها، ولها عدة نماذج داخل وخارج سور دمشق.
ثم أضاف بأنَّ البناء يعتبر من مباني الخدمات الاجتماعية يُؤدِّي وظيفة ليس لأشخاص محددين، ويعتمد البناء الوظيفي للحمامات على التصميم المعماري الملائم لأدائها بحيث يكون فيه خصوصية التقسيم والانتقال من فراغ عام البرَّاني إلى آخر خاص الوسطاني، والأكثر خصوصية الجوَّاني، ومبدأ عدم السماح بضياع الحرارة، والانتقال بشكل تدريجي، مشيراً بأنَّ بعض العائلات بنت حماماتها في منزلها، وتبدو نماذج منها في قصر العظم ومكتب عنبر وبيت القوتلي، مُعطيةً فكرة عن القدرة المالية لأصحابها.