الثّورة – ترجمة رشا غانم:
في آذار من هذا العام، أعلنت إيران والمملكة العربية السّعودية اتفاقاً بنية استعادة العلاقات بين البلدين، وبوساطة الصّين، فإنّ استعادة العلاقات الدّبلوماسية بين البلدين ترتب عليها نتائج وآثار عديدة، ليس فقط للعلاقات في المنطقة، ولكنّها تمثل أيضاً تحولات عديدة هامة للعالم كله.
بدايةً، فإنّ الاتفاق بين السّعودية وإيران قد جرى بوساطة الصّين بدلاً من الولايات المتحدة، وهذا إنّ دلّ على شيء فإنّه يدلّ على تحول جوهري ونوعي للقوى البارزة في المنطقة، فلطالما امتدت أوصال الولايات المتحدة بقوّة في الشّرق الأوسط من خلال توّرطها في العراق، وليبيا وسورية، ولطالما كان يربطها بالسّعودية علاقات متينة، حيث أنّ الولايات المتحدّة كانت تؤمن لها الحماية العسكرية بمقابل تزويد المملكة للولايات بالنّفط، ومع ذلك فإنّ الاتفاق التاريخي الذي تم بين إيران والسّعودية كان بوساطة الصّين وليس عن طريق الولايات المتحدّة، ففي الفترة الأخيرة، بدلت السّعودية من طبيعة علاقاتها لتصبح علاقات ودية نوعاً ما مع الصّين، حيث وقعّت معها اتفاقاً تجارياً في كانون الأول2022، ما يشير إلى ضعف هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة وتعزيز نفوذ الصّين بالمقابل، كما أنّه يعكس الخبرة الدّبلوماسية التّي يحظى بها أعضاء الحكومة الصّينية بقدرتهم على إقناع الطّرفين بالمجيء لطاولة المفاوضات، والتوسط فيها من خلال الحوار السلمي.
وثانياً، يظهر الاتفاق نقلةً نوعية للعلاقات داخل الشّرق الأوسط، مجسدين الاقتباس القائل:” في الاتحاد قوّة، وفي الانقسام ضعف”، وهذا تماماً ما ينطبق على منطقة الشّرق الأوسط، ففي العقود الماضية، لعبت القوى الخارجية دوراً كبيراً بإشعال الاضطرابات والتّوترات الحاصلة في المنطقة خدمةً لمصالحها، واستعادة العلاقات بين البلدين في الشّرق الأوسط أمرٌ في غاية الأهمية لتشكيل جبهة موّحدة في وجه العالم وردع التّدخلات العدائية المحتملة، الأمر الذي من شأنه أن يبسط المزيد من السّلام وتحقيق الاستقرار الأمثل للمنطقة.
ومن الجدير بالذّكر- وعلى الرّغم أنّه ليس بالأمر الجديد أو المفاجئ- فلم يحظى الاتفاق التّاريخي الذي حصل بوساطة الصّين على الاهتمام ولو بالصّورة الأدنى أو حتى تسليط الضّوء عليه من قبل وسائل الإعلام وخاصةُ في الولايات المتحدة، حيث أنّ الاعتراف بنجاح الصّين في إطلاق المفاوضات سيجبر الدّول الغربية بالاعتراف بحجم الدّمار الذي تسببت به إداراتهم السّابقة، كما أنه قد يجبرهم على رؤية تطور علاقتهم التي كانت وثيقة مع بعض البلدان في الشرق الأوسط على حسابهم الخاص.
وعلاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يفترض أن السبب الذي يجعل الغرب يرغب في التقليل من أهمية نجاح مثل هذا الاجتماع هو أنه سيتعين عليه بعد ذلك الاعتراف بوجود قوى ناشئة في العالم تتقدم للتوسط في الاتفاقات الدولية، وهو الدور الذي كان الغرب- ولاسيما الولايات المتحدة- يضطلع به، وبالنظر إلى عداء الغرب تجاه الصين، فهذا ليس شيئاً يريد القادة الغربيون القيام به، وهذا الموقف من الغرب سببه بشكل خاص حقيقة أن الصين تمكنت من استعادة العلاقات بطريقة دبلوماسية وسلمية دون اللجوء إلى الحرب أو العدوان، وهو أمر جديد على القادة الغربيين.
المصدر – تشاينا ديلي