الثورة – غصون سليمان:
رغم كلّ النصائح والإرشادات التي يقدّمها الخبراء النفسيون والتربويون للأهل فيما يتعلق بمعاملة أبنائهم أثناء الامتحانات باللين واللطف والهدوء ، إلا أن البعض من الأسر يبدو خارج سياق المنطق متجاهلاً أو متناسياً عن قصد أو غير قصد تبعات مايترتب من انعكاس سلبي على ذهنية الأبناء وقدراتهم حينما يفرضون عليهم شروطاً تعجيزية لساعات الدراسة المتواصلة، وعدم قيامهم بأي نشاط تسلية يخفف عن نفسيتهم بعض الضغط ،والتدخل بعدد وجبات الطعام والشراب ، وعدم الخروج من المنزل إلا للدروس الخصوصية، أي كلّ شيء يجب أن يكون على مزاج الأهل وليس مزاج الأبناء ورغبتهم .
إحدى طالبات الشهادة العامة الفرع العلمي تشكو لمعلمتها قبل بدء الدرس الخصوصي معاناتها مع ذويها وكيف أنهم ولاسيما أمها وأختها الكبرى يسخرون منها ويؤنبونها بعبارات غير لائقة ،ماجعلها لاتطيق أجواء المنزل وتفضّل البقاء خارجه في أي مكان تدرس فيه ، وطالب آخر بات مرهقاً من تواصل والدته مع أساتذة الدروس الخصوصية لمعرفة ساعة وصوله للدرس ولحظة خروجه بالدقيقة كما يقال ما أشعره أنه مقيد بطريقة سلبية نتيجة فقد ثقة الأهل فيه.. فهو شاب لديه رغبات وأمنيات يريد أن يحققها إلى جانب دراسته، بينما طالبة أخرى تعاني من سطوة أمها المحامية وبرنامجها الصعب الذي وضعته لها لاجتياز «البكالوريا العلمي» ،وإذا ما أخلت ببعض جزئياته تسمع ما لا يرضيها من عبارات التأنيب ،ماسبب لهذه الطالبة نوعاً من التمرد وحتى كرهها للدراسة رغم أنها من المتفوقات..بالمقابل هناك طلاب وطالبات استطاعوا من خلال حسن معاملة الأهل وتقدير ظروفهم أيام السنة الدراسية ولاسيما شهر التحضير للامتحانات من اجتياز صعوبات وضغوطات كثيرة من خلال تقديم النصح والإرشاد الهادئ والإشراف غير المباشر على طريقة الدراسة ،فالبعض عصبي الطبع ولايمكنه الجلوس ربما لأكثر من ساعة على طاولة الدراسة لكن مراعاة مزاج الأبناء وضرورة أن يمارس الطالب والطالبة حقّهم بالترفيه المناسب لهم ودراية الأهل لهذه الخصوصية ،لاشك أن يساعد الطرفان على تقبل الأمر بشكل ايجابي ونتيجة مرضية بالنهاية .
ماتقدّم هو عينات بسيطة لما يجري داخل جدران المنازل،وخاصة في شهر الامتحانات حيث تستنفر طاقات السوريين جميعها، لطالما يخوضون مع أبنائهم معركة المستقبل بكلّ تفاصيلها .
جميعنا يعلم ويدرك عن قرب بأن التأثير الأول هو للأهل قبل المدرسة وغيرها سواء أكان ايجاباً أو سلباً، حيث التنشئة الاجتماعية السليمة والبيئة الصحية المحيطة تحدد المسار المطلوب للنجاح.