بلا قلب .. !

عادت أم فادي – منذ ثلاثة أيام – منهكة القوى .. وغاضبة .. تشتم بالطول وبالعرض كل من يستطيع أن يُساهم .. ولا يساهم في حلّ مشكلتها التي أخرجتها عن طورها على الرغم من بساطة الحل .. !

وهي في الخامس عشر من كل شهر فإنها على موعد نكديّ مُحقّق لا مناص منه، ستواجهه – كما تقول – في مبنى البريد المركزي ( المؤسسة السورية للبريد ) القابع بين فكتوريا وساحة الحجاز في دمشق، إذ أنها مضطرة في ذاك الوقت من الشهر لأن ( تتدعكل ) من مدينة عدرا العمالية إلى الردهة الفسيحة في الطابق الأول لتلك المؤسسة، كي تقبض ما تبقى لها من راتب زوجها الذي فقدته بعدما أُصيب بالكثير من العلل جراء تعرّضه للأسر عدة سنوات من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة ..فقد عانى أبو فادي بعد خروجه – وكان متقاعداً – من أمراض عديدة .. وآلام كثيرة، يهدأ تارة .. ويتوجّع تارات، أُدخل المستشفى وبقي أياماً طويلة على أمل الشفاء العاجل، ولكن كان الموت أسرع .. رحمه الله.

من هنا بدأت معاناة زوجته مع نصابها المتبقي من الراتب التقاعدي وانتقاله إلى اسمها كي يحق لها أن تقبضه، ودون الخوض في معاناة الانتقال فهي على الأقل كانت عابرة ولن تتكرر، غير أن المصيبة التي تتكرر شهرياً هي مشكلة قبض الراتب.

تقول أم فادي : كأن كل الناس، في ( 15 ) الشهر تجتمع في مبنى البريد لقبض الراتب، يأتون من كلّ أنحاء ريف دمشق، فيصير البريد كمركزٍ للمسنين، فلا رواتب هنا إلا للمتقاعدين، ازدحام وضجيج وتأوهات كثيرة، أغلب ( القابضين ) يعانون من الأمراض ومن متاعب الشيخوخة، لا مفاصل تحملهم، ولا قلوب تقوى على نبضٍ سليم، ولا قدرة على الانتظار القصير فكيف لانتظارٍ يطول ساعات وساعات ..؟! البعض يتكئ على الجدران، وآخرون يجلسون على بعض مقاعد في بهو البريد، والبعض الآخر يجلسون على الأرض انتظاراً إذ لم تعد قواهم قادرة على احتمال الوقوف، والناس تموج يميناً وشمالاً وعيونهم ترنو إلى كوة البريد التي يقتربون منها بالمليمترات.

مشهد شهري في دمشق .. ومهرجان بؤسٍ يمتدّ أصلاً إلى المحافظات جميعها في وسط كل شهر، ولا تهتز للمعنيين والمسؤولين عنه شعرة واحدة، لا بل يوصّفون الحالة بأنها خدمة البريد لدفع رواتب المتقاعدين، ومن كل عقلهم يعتبرونها خدمة .. !

الخدمة أن يسهلوا الأمر على المتقاعدين بمختلف الطرق المتاحة، وهي طرق كثيرة إن أرادوا، ولكنها مسدودة بسبب عدم الاكتراث، كأن تُحوّل الرواتب إلى الصرافات الآلية، أو أن يتاح لكل متقاعد أن يقبض راتبه من أي مصرف من المصارف العامة أو الخاصة بموجب الشيك الذي يحمله وتجري بعد ذلك عملية تقاص من أسهل العمليات البنكية، ولو أن هناك حداً أدنى من الاهتمام والمراعاة لظروف المتقاعدين كان يمكن تحويل تلك الرواتب إلى أماكن سكنهم عن طريق أي وحدة إدارية يختارها المتقاعد .. بلدية .. مركز مياه .. مركز كهرباء .. مركز هاتف .. مركز شرطة .. مدرسة .. وما إلى ذلك لإنهاء هذه المعاناة التي تتوّج بمعاناة النقل الفظيعة وتكاليفه الباهظة أيضاً.

إنها أسوأ ترجمة لمفهوم البريد الذي عليه أن يوصل الرسائل إلى أصحابها .. لا أن يأتي بأصحابها إليه.. حالة غريبة .. وكأننا بتنا في عالمٍ بلا قلب.

آخر الأخبار
الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً