للفوز في عالم كرة القدم ألف أب وأب “من الكابتن، لحارس المرمى، لقلب الهجوم، للظهير الأيمن وشقيقه الأيسر، للدفاع …. للجمهور، للاتحاد، لإدارة الفريق، لمدرب الحراس، للمعالج، للظروف الجوية، لأرضية الملعب، للمعسكرات المغلقة والمفتوحة…” ، أما الخسارة فلها أب واحد لا ثان له ألا وهو المدرب الذي غالباً ما يكون مصيره إما الإقالة أو الاستقالة.
أما في عالم الاقتصاد فإن للنجاح أباء كثر “وزارات وهيئات ومؤسسات واتحادات ونقابات ومديريات ..،، ، أما الخاسر الوحيد فهو المواطن صاحب الدخل المحدود جداً جداً، الذي مازال يحاول جاهداً رسم روزنامة غذائية تتماشى نوعاً مع ما قد يتبقى من ملاءته المالية الضعيفة أصلاً.
مناسبة الحديث هنا، هو الروزنامة التي رسمتها وعممتها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ووضعتها على طاولة وزارات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والاقتصاد والتجارة الخارجية، والصناعة، والاتحادات المعنية بكل تفصيل يخص عملية تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية للموسم الزراعي “2023 ـ 2024” في الوقت المناسب والمكان المناسب، للحيلولة دون الوقوع في قادمات الأيام في شرك مطب “الفترات الحرجة” التي دائماً ما يختفي فيها المنتج الزراعي، ويقفز معها وبشكل جنوني مؤشر الأسعار، ويكثر خلالها حالات الاحتكار والسمسرة والمضاربة والتلاعب بلقمة عيش المواطن، وتهديد أمنه الغذائي على يد حفنة من لصوص الأسواق.
مضمون الروزنامة التي تم تعميمها لا يشير إلى أنها استعراضية أو تنظيرية أو تعجيزية أو خلبية، أو محاولة لرمي الكرة في ملعب هذه الوزارة أو تلك الجهة العامة تحت عنوان تقاذف الاتهامات وتحميل المسؤوليات سلفاً، وإنما يمكن وصف الروزنامة بـ “الانقاذية ـ التحذيرية ـ الاستباقية” من مطب تسويقي سيكلف الخزينة العامة للدولة وجيب المواطن وحفظته، فواتير إضافية غير محمودة النتائج، لأسباب لا يمكن وصفها إلا بغياب التعاون وضعف التنسيق.
وباعتبار أن الروزنامة الزراعية غدت علنية لا سرية بأرقامها وكمياتها وتواريخها، فقد أصبح لزاماً على كل أطرافها المعنية، ليس فقط دراستها وإرفاقها بعبارة “لإجراء اللازم أو المقتضى”، وإنما التحرك الجدي والجماعي باتجاه نسف مصطلح “الفترات الحرجة”، وقطع دابر المتصيدين والمتربصين والمنتفعين من لصوص الأسواق، بالشكل الذي يمكن معه تغطية حاجة السوق المحلية بشكل كلي لا جزئي من كل المنتجات الزراعية، والمحافظة على عملية التوازن لا الاختلال السعري النسبي للأسعار، وصولاً إلى مرحلة تحميل المسؤوليات، ومحاسبة الجهة المقصرة بعينها.