غيداء حسن
شآم أهلك أحبابي وموعدنا.. أواخر الصيف آن الكرم يعتصر.. لسنوات طوال كانت هذه القصيدة التي قيلت في دمشق، وصدح بها صوت الرائعة فيروز في لحن يلامس مشاعر كل سوري قبل مسامعه، رفيقة لذاكرة أجيال وأجيال، وباتت محفورة فيها.
إذ كنا نصغي إليها ونحن نتجول في أجنحة معرض دمشق الدولي، أكبر تظاهرة اقتصادية واجتماعية وفنية وثقافية شهدتها سوريا على مدى سنوات، فمن ينسى مدينة المعارض القديمة بالقرب من ساحة الأمويين وبعدها المدينة الجديدة على طريق المطار؟ زوار كثر كانوا يأتونها من المحافظات، ينتظرون موعد افتتاح المعرض سنوياً لتكون مناسبة، يستحضرون فيها ذكريات سنوات فائتة، ويطلعون على جديد المعرض، وغيرهم زوار ومشاركون من دول أخرى، وفعاليات اقتصادية وثقافية وفنية كانت تطبع المعرض بنكهة خاصة، لا يمكن أن تطوي ذكرها السنوات.
لكن، جاءت الحرب بسنواتها الطوال، وغيبت هذا الطقس الجميل الذي اعتاده السوريون، واعتبروه فسحة للترفيه عن النفس قبل التسوق والاطلاع على كل ما هو جديد.. وله في ذاكرتهم من الدلالات الكثير، أهمها أنه أكبر تظاهرة اقتصادية واجتماعية وفنية وثقافية شهدتها سوريا، إذ لم يكن للعرض واللقاء فقط، بل تعبير عن حضارة بلد كان ولا يزال كطائر الفينيق، مصرّاً على النهوض من تحت الرماد والبقاء صامداً.
اليوم، ومن جديد، سيعاود معرض دمشق الدولي بعد أيام قليلة فتح أبوابه وبدء فعالياته، بمشاركة أوسع من ذي قبل، ولاسيما بعد الانفتاح على معظم الدول، ولا يخفى على أحد الدور الاقتصادي والتنموي والمجتمعي لهذا المعرض، وما يفتحه من أبواب أمام مستثمرينا وصناعيينا وتجارنا للاستفادة من خبرات الدول المشاركة وشركاتها.
ونحن أحوج ما نكون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، لأن نستفيد من كل جديد، فمرحلة إعادة الإعمار تتطلب من الجميع الاطلاع على كل ما يساهم في نهضتنا، كما من الضرورة إبراز الوجه الحضاري لسوريا، وهذا يتطلب أقصى درجات التنسيق والتنظيم.. وأن يكون على مستوى الحدث ومستوى الطموح والمأمول منه. فليتكافل المعنيون جميعهم في إبراز هذا التنظيم فيما يبرز صورة سوريا الحقيقية بحضارتها المتجذرة لعله يكون فاتحة لشراكات وتعاون مستقبلي بما يخدم البلد وأبناءه.