الثورة- غصون سليمان:
يبدو أن موسم امتحانات الشهادتين العامة والإعدادية بفروعهما المختلفة باتت الأكثر شهرة داخل البيت وخارجه وفي المدرسة وعلى منابر وسائل التواصل الاجتماعي التي شرعت العنان لكل الآراء المتبانية هذه الأيام.
فمعظم الأسر منخرطة بشكل وآخر في هذا الجدال المفتوح على جميع التساؤلات والاحتمالات كيف لا، وهي المستنفرة مع أبنائها منذ بداية العام الدراسي.
ولعلّ المشكلة الظاهرة بشكل لافت وفق وجهات نظر العديد من الطلبة هو أن الكثيرين منهم اعتادوا في شهر المراجعة وأثناء حضور الدروس الخصوصية على مبدأ التوقعات من قبل المدرسين، إذ يقوم بعض المدرسين والمدرسات على تقديم نماذج امتحانية متوقعة مع الإصرار على إمكانية أن تأتي لامتحان المادة المخصصة، وتكون الصدمة للطالب عندما لايجد أي من هذه الأسئلة المتوقعة ضمن أسئلة الامتحان وخصوصاً في المواد العلمية، فعندما يتوقع على سبيل المثال لا الحصر مدرّس الرياضيات أو الفيزياء وغيرها مسألة ما، ويشدد على أنها مهمة جداً لطلابه لدرجة أنها ترسخت في أذهانهم فتكون الطامة الكبرى حين لايجدها ولا أمثالها، فكم هو صعب هذا السراب الذي تلاشى أمام ناظري الطالب وقت الجد” في قاعة الامتحان”.
ومن غير المنطقي أيضاً أن يقوم بعض المدرسين والمدرسات، وهذا ما حصل في بعض مدارس الريف بحذف فصول من الكتاب المدرسي على أنها غير هامة، ويؤكد أنه لن يأتي منها، مما يضطر الطالب للعودة إلى الدورة التكميلية فيما بعد.
تذكر في هذا السياق إحدى مدرسات مادة الفيزياء حين كانت تشرح درساً بعنوان التيار التناوب “الجيبي” لطلاب الثالث الثانوي العلمي، وقد أسهبت في شرح الجانب النظري، ليقوم أحد الطلاب المتميزين بتوجيه سؤال لها قائلاً: ” لماذا تتعبين نفسك بكل هذا الشرح..هذه الفقرات لن يأتي منها”، فتسأله المدرسة من أخبرك بذلك ؟، فكان جوابه المدرس في الدورة الصيفية.
لكن ولسوء حظ هذا الطالب فقد تضمنت أسئلة الامتحان النهائي لتلك السنة سؤالين من الدرس نفسه، وخصّص لهما 7درجات من أصل أربعين، مما اضطر الطالب إلى الإكمال في مادة الفيزياء برغم أنه طالب مجتهد ومتميز.
في المقابل هناك مدرّسون ومدرّسات يحرصون كل الحرص بالتأكيد على كل فكرة ضمن المنهاج المدرسي مع التنويه بأن هذه الفقرة أو تلك تكررت عدة مرات في أسئلة الدورات السابقة، فيتم التنويه على إمكانية أن ترد مرة أخرى.
وفي هذا الإطار تؤكد إحدى مدرسات الثانوية العامة أنها من خلال إعطائها لبعض المواد التخصصية العلمية تعتمد على مبدأ الاحتمال الرياضي “أي سحب مع إعادة” بمعنى في هذا العام أتت هذه المسألة، فهل يعني ذلك أنها لن تأتي العام القادم أبداً؟!.. فمن وجهة نظرها ممكن أن تتكرر المسألة أوغيرها من المسائل والتمارين والاستنتاجات أكثر من مرة، وهذا مايحصل باستمرار من خلال تجربة سلالم التصحيح.
ربما يعلل البعض هذه الظاهرة بأن النسبة الكبرى من أبنائنا الطلبة يحبذون الأسئلة المتوقعة بالأساس ولا يفضلون دراسة المنهاج كاملاً لاعتبارات مختلفة، بمعنى الطالب مسير كـ”الروبوت” من دون اعتماد البعض على التفكير المنطقي والتعب والبحث، فالملاحظ أنه عندما يكون هناك أي تغيير في نص المسألة أو في رقم لا يستطيع الطالب إتمام الحل، وفي نهاية الامتحان يطلق هذا الطالب والطالبة عبارة..الأسئلة صعبة أو”ضربونا” مع أن الأسئلة تكون من داخل الكتاب المدرسي مع تغيير طفيف بصياغة السؤال.