الثورة – زهور رمضان:
مرت على سوريا سنوات عجاف، كانت سبباً في ازدياد حالات التسرب المدرسي للكثير من الطلبة، وخاصة الذين أجبروا على مغادرة مدارسهم تحت القصف والدمار.
ولعل أصعب ما تحملوه هو مغادرة أبنائهم لمقاعد الدراسة، وحرمانهم من حق التعلم بسبب ما فرض عليهم من التسرب المدرسي الجماعي.
أما اليوم وبعد عودتهم أطلق فريق “النور التطوعي” في كفرزيتا بريف حماة الشمالي مبادرة تطوعية تحت عنوان: “صيف الإنجاز”، لدعم وتعليم 325 طالباً وطالبة من مختلف المراحل الدراسية، في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز التعليم المجتمعي ومكافحة التسرب المدرسي في المناطق التي عانت من الأزمة لسنوات.
وتستمر المبادرة خلال العطلة الصيفية، كما أنها تعتبر من أبرز المبادرات التعليمية التطوعية في المنطقة، يتم تقديمها بجهود تطوعية خالصة من أعضاء الفريق والكوادر التعليمية الشابة، من دون أي مقابل مادي، وذلك بالتعاون الوثيق مع اللجنة المجتمعية في كفرزيتا، التي لعبت دوراً أساسياً في تنظيم الفصول وتوفير المساحات التعليمية.
دعم نفسي
لعل أربعة عشر عاماً من الحرب كانت كفيلة بتحطيم النفوس والروح المعنوية لأبناء المدينة وطلابها، وقد انعكس هذا الأثر النفسي على العملية التعليمية في انقطاع آلاف الأطفال عن الدراسة، سواء بسبب تدمير المدارس، أم اضطرار الأسر إلى ترحيل أبنائها، أم الحاجة إلى دعم نفسي وتعليمي خاص.
فسنوات الحرب جعلت من العملية التعليمية مشواراً صعب المنال، لذلك يأتي الهدف الأول من المبادرة هو تضييق الفجوة التعليمية التي نتجت عن سنوات النزاع وانقطاع آلاف الأطفال عن الدراسة.
وأشارت مدير الفريق نور الفرج، إلى أن المبادرة تشمل طلاباً من الصف الرابع حتى الثامن، بالإضافة إلى طلاب شهادتي التاسع والبكالوريا، بهدف دعمهم أكاديمياً ونفسياً استعداداً للعام المقبل.
شعبة للتأسيس
وأضافت الفرج: إن اللافت في المبادرة هو شعبة التأسيس الخاصة، المخصصة للأطفال المنقطعين عن الدراسة، وخاصة العائدين من تركيا أو مناطق النزوح، والذين فقدوا سنوات دراسية كاملة، وأن الهدف من هذه الشعبة هو إعادة تأسيسهم وسد الفجوة التعليمية لديهم وإعادة إعطائهم التعليم أساسي من جديد في المواد الأساسية لتهيئتهم تعليمياً والاندماج مجدداً في النظام المدرسي الرسمي.
ووصفت “صيف الإنجاز” أنه مشروع تربوي إنساني، وليس مجرد دورة صيفية، لتعويض ما سُلب من هؤلاء الأطفال بسبب الظروف، وبالتالي تمكينهم من إعادة ثقتهم بأنفسهم وبإمكانية التعلم، وخلق قناعة الثقة بالمستقبل، وأنه لا يزال ممكناً معتبرة أن كل طفل يعود إلى الكتاب هو منتصر صغير على حد وصفها، لأنه قد يصنع فرقاً كبيراً في مسار حياة أسرة بأكملها.
وأكدت أن كل معلم ومعلمة في المبادرة يعملون تطوعاً، بدافع الإيمان لأن التعليم هو السبيل الوحيد للنهوض المجتمعي، مشيرةً إلى أن “الجهد لا يُقاس بالمال، بل بالتأثير، وما يُفرحنا ليس عدد الطلاب، بل نظرة الفرح في عيون كل طفل.
مبادرة مجتمعية
وكان من اللافت الاستجابة السريعة من قبل الأهالي والطلاب، الذين عبروا عن امتنانهم للجهود التطوعية الرامية لإنقاذ فصل صيفي من الممكن هدره في الشوارع أو داخل بيوت من دون أفق تعليمي واضح، وهذا مؤشر على أنه ما زال هناك أشخاص تؤمن بالعلم وبالمستقبل.
من جهة ثانية، أوضح رئيس مجلس مدينة كفر زيتا عبد الناصر حوشان، أن المبادرة مجتمعية بامتياز، يقودها شباب ومدرسون متطوعون من أبناء مدينة كفر زيتا، وتستهدف دعم الطلاب من مختلف المستويات التعليمية، مشتملة عدة مراحل، تبدأ باستقبال الطلاب العائدين من تركيا، أو المفتقرين إلى الإلمام باللغة العربية، بهدف تأسيس معرفتهم بها بشكل سليم.
تعليم مجاني
ورغم كل تلك التحديات الكبيرة، ونقص الكتب والوسائل التعليمية وغياب البنية التحتية الملائمة، فقد نجح الفريق في تأسيس فصول دراسية مؤقتة في مراكز مناسبة باستخدام مواد تعليمية مبتكرة، واعتماد مناهج تفاعلية تراعي الخلفيات النفسية والتعليمية المتنوعة للطلاب.