في تحليل لانتشار الديون وانعكاسها.. المركزي: ضرورة تركيز المموّلين على التدفقات النقدية وآلية استخدام القرض
الثورة- مازن جلال خيربك:
قال مصرف سورية المركزي في تقرير له إن الاقتصاد السوري ركّز خلال الآونة الأخيرة على تشجيع ومنح التسهيلات الائتمانية بآجال مختلفة ولاسيما منها طويلة الأجل الخاصة بدعم الاستثمار والصناعة،
وفي سبيل ذلك تضمنت السياسات النقدية والاقتصادية الصادرة الكثير من الإجراءات التيسيرية بما يخدم المقترض، ويضمن دعم الإنتاج والتي كان آخرها قرار مجلس النقد والتسليف رقم 169 لعام 2023 والذي أتاح للمصارف امكانية منح قروض بالعملة الأجنبية للمشاريع الاستثمارية التنموية في سورية بما يساعدها على تمويل احتياجاتها من استيراد للآليات والمعدات والمواد الأولية التي يتطلبها المشروع.
التدفقات النقدية الخاصة
وبحسب المركزي في دراسته التي تتحدث عن «انتشار الديون على المدى الطويل والانعكاسات الحقيقية» فإنه من الضروري اهتمام وتركيز المصارف المانحة على التدفقات النقدية الخاصة بالمشروع وآلية استخدام القرض بما يضمن تطوير نموه مع الإحاطة بكافة المخاطر المحيقة وأخذ الضمانات اللازمة للحيلولة دون أي تكلفة إضافية أو خسائر قد تتحملها المصارف ناهيك عن أن من شأن هذه الإجراءات المساهمة في دعم نمو الإنتاج والنشاط الاقتصادي الحقيقي المستقبلي وزيادة تدفق القطع الأجنبي إلى داخل الاقتصاد السوري، وذلك بنسب تفوق تكلفة خدمة الائتمان باعتبار أن وضع الاقتصاد السوري من حيث النشاط يختلف عن الاقتصادات الأخرى التي تمتلك مؤشرات نشاط إيجابية أو سلبية بحدود ضيقة.
المركزي اعتبر في دراسته أن آليات الانتشار الاقتصادي تسمح بفهم سلوك المتغيرات الاقتصادية الكلية الرئيسية والمساعدة على إجراء تنبؤات أكثر موثوقية، ولكن الكثير من النماذج الكلية تفتقر إلى الانتشار القوي القائم على السلوك الاقتصادي المفهوم وعوضاً عن ذلك يتم اعتماد الآليات التي لا يوجد لها منطق اقتصادي واضح، لافتاً إلى أن دراسة أعدت لصالح بنك التسويات الدولية قامت بوصف آلية انتشار طبيعية يمكن من خلالها للاقتراض الجديد أن يؤثر بشكل منهجي على الإنتاج المستقبلي، ويؤدي إلى انعكاسات في النشاط الاقتصادي ونقطة البداية في ذلك -وفقاً للدراسة- هي نقطة بسيطة لجهة أن أغلبية عقود الديون (الائتمان) طويلة الأجل وتنطوي على مدفوعات خدمة ديون مستقبلية منتظمة تتكون من الفوائد واستهلاكات الدين، ويفترض أن الاقتراض الجديد يعزز نمو الإنتاج بينما خدمة الدين تخفضه، وذلك بالنظر إلى تراكم المدفوعات خلال طفرة الائتمان، ومع مرور الوقت تزداد وتفوق في نهاية المطاف تدفق القرض وعندما يحدث ذلك ينعكس التأثير الإيجابي من طفرة الائتمان إلى سلبي ويحدث انخفاض الإنتاج.
الاقتراض الأسري الجديد
وتتابع الدراسة بأنها ولدى استخدامها بيانات تدفقات الديون لدى العديد من البلدان على مدى العقود الأربعة الماضية وجدت أن انتشار الديون طويلة الأجل يؤدي إلى انماط يمكن التنبؤ بها من خلال تلك البيانات، وعلى المدى القصير ترتبط الزيادة في الاقتراض الأسري الجديد بزيادة نمو الإنتاج، ومع مرور الوقت وزيادة مخزون الديون تشكّل مدفوعات الدين عبئاً متزايداً على الإنتاج، وفي نهاية المطاف يفوق التأثير السلبي لخدمة الدين التأثير الايجابي للاقتراض ما يؤدي إلى انعكاس حقيقي على النشاط الاقتصادي وتفسر هذه الآلية إلى حد كبير حقيقة موثقة جداً مفادها أن النمو الاقتصادي يميل إلى التباطؤ بشكل منهجي لعدة سنوات بعد طفرة الائتمان وإن قناة انتشار الديون طويلة الأجل هي السبب الرئيسي وراء امتلاك مؤشرات الدورة الائتمانية قوة تنبؤية للنشاط الاقتصادي المستقبلي.