ما زالت السياسة المتبعة في الجباية والتحصيل الضريبي محط استفسار من الكثيرين كما أنها ماتزال تثير الجدل والامتعاض وخاصةً بعد فرض المزيد من الرسوم والضرائب وارتفاع نسبتها وتضاعفها…
الاتهامات الموجهة كثيرة ربما أهمها أن مايجري على صعيد التكليف الضريبي غير منطقي وفيه تجنّ على المكلفين كما أنه يسهم سلباً في النمو الاقتصادي وغير ذلك من الطروحات الأكاديمية المعروفة من أصحاب الخبرة والاختصاص ولكن ألم يكن هذا مطلباً طرح كثيراً فيما مضى…؟
عانت سورية طويلاً من التهرب الضريبي حيث كانت التكليفات الضريبية غير حقيقية ولا تمت للواقع بصلة كما أن التهرب الضريبي كان سائداً من مختلف الشرائح ما عدا شريحة العاملين في الدولة بحكم أن حالهم مكشوف على الجهات المعنية، أما التجار وأصحاب المهن ورجال الأعمال تعودا على إخفاء تعاملاتهم المالية بنجاح طوال سنوات واليوم ومع شح الموارد وتغير الظروف لم يعد أمام الجهات المعنية من خيارات لرفد الخزينة بما يلزم من أموال سوى الضرائب لضمان سير الأمور ربما بالحد الأدنى في ظل الحرب والحصار، ولكن هل هاذا يعني أن الأمور أصبحت افضل…؟
المشكلة أن الجهات المعنية نجحت في معالجة التهرب الضريبي بغض النظر عن الأسلوب… إلا أنها لم تنجح بعد في معالجة الانعكاس الضريبي الذي أصبح يصب على عاتق المواطن من خلال أن الشرائح التي تسدد الضريبة تعمل على تحميل الضريبة للمستهلك الأمر الذي يفسره جزء من إرتفاع الأسعار الذي نشهده حالياً…
سياسة الجباية لها محاذير من وجهة نظر اقتصادية ربما أهمها أن الاقتصاد القائم على الجباية يفقد القدرة على تحقيق التنمية المستدامة ويؤثر سلباً على الشرائح الاجتماعية المتوسطة والصغيرة، وهنا يتمثل التحدي الأكبر للجهات المعنية، فوفق المفهوم الأساسي للضريبة يجب أن تترافق الضرائب بارتفاع في مستوى الخدمات وهذا أمر غائب اليوم بشدة..
ما يجري اليوم على صعيد التحصيل الضريبي بحاجة إلى تدخل يبدأ من تعزيز الوعي الضريبي بداية وتكريس مفهوم مسؤولية المواطن تجاه هذا الموضوع ولكن مع تحديد كل شريحة ومدى مسؤوليتها مع منع الانعكاس الضريبي قدر الإمكان، وذلك لا يتم إلا من خلال حوار شفاف بين الجهات المعنية ومختلف الشرائح ولا ضير من التعامل بمرونة تضمن حق الدولة والمكلفين في آن معاً.
السابق
التالي