الثورة _ محمود ديبو:
إلى اليوم ما تزال تتردد أصداء شكاوى مواطنين في عديد من قرى وبلدات ومدن تتحدث عن سوء صناعة الرغيف، في الوقت الذي اعتقدنا فيه أن مثل هذه الشكاوى من المفروض أنها أصبحت خلف ظهورنا، بالتزامن مع التأكيدات المستمرة بأن مزيداً من الاهتمام والمتابعة يبذل من قبل المعنيين للانتهاء من مشكلات صناعة الخبز والارتقاء بمستوى الرغيف الذي يتناوله المواطن من تلك الأفران.
ولعل في هذا ما يدعو للسؤال أليس رغيف الخبز هذا الذي يشتكي مواطنون من سوء تصنيعه، هو من أولى المواد التي ترصد لها الدولة مبالغ ليست قليلة لدعمه وايصاله للمواطن بأقل سعر ممكن؟؟ والأموال المرصودة لدعم الرغيف تذهب لشراء الخميرة والطحين والملح والمحروقات و….
ونبقى في إطار الحديث عن الخبز بشكل عام لنتذكر أن البعض من مربي الأبقار والماشية يعتمدون الخبز كوجبة رديفة للأعلاف لإطعام مواشيهم وكذلك بالنسبة للدواجن.
بالتزامن مع هذا ننتقل للحديث عن الحركة اليومية النشطة وغير المسبوقة للباحثين عن شراء (الخبز اليابس) والتي يمكن ملاحظتها في الأحياء الشعبية في المدن، (ومنها العاصمة دمشق) وغيرها من المناطق والقرى، وكأن هؤلاء متأكدين أن جولاتهم اليومية ستؤمن لهم جمع كميات كبيرة من الخبز اليابس، وبالفعل لعله من السهل ملاحظة أكوام الخبز اليابس التي تملأ سياراتهم بنهاية جولاتهم المكوكية هذه.
وهنا قد يتوارد سؤال إلى الذهن لماذا يجمع هؤلاء كل هذه الكميات من الخبز اليابس يومياً، وماذا يفعلون بكل ما يشترونه، وهل يمكننا القول إن عملهم اليومي والدؤوب والمستمر في جمع الخبز اليابس يؤشر على وجود (تجارة) خبز يابس نشطة وأن هناك من هو قادر على استجرار كل الكميات المجموعة يومياً من مختلف الأحياء…؟؟؟
وإن كان هذا ما يحصل فقد تجد من يسأل ما هو مجال العمل الذي تحول فيه الخبز اليابس إلى مادة أولية أساسية حتى بتنا نشهد تكاثر ملحوظ في عدد هؤلاء الجوالين الذين يبدون استعدادهم لشراء الخبز من البيوت والمطاعم ربما وحتى من بعض الأفران الخاصة وغيرها..؟؟
والمفارقة هنا أنه ورغم وجود ضوابط وعقوبات تطال من يعمل بتجارة الخبز اليابس تصل إلى سبع سنوات سجن مع غرامات مالية كبيرة إلا أن ما يجري على أرض الواقع غير ذلك تماماً حيث يمكنك أن تلاحظ في الحي الواحد مرور عدة سيارات تنادي عبر مكبرات الصوت لشراء الخبز اليابس…
وبالمجمل وأياً كان مستهلك (الرغيف) المواطن أو مربي المواشي والدواجن أو ذلك الذي يشتريه يابساً، فإنه يبقى ذلك الرغيف المدعوم الذي تخصص له الدولة سنوياً حصة من الموازنة العامة متحملة بذلك أعباء كبيرة ليبقى مدعوماً ويصل إلى مستحقيه بسعر يقل عن تكلفة صناعته الحقيقية بأضعاف، وإن أي تراجع في جودة الرغيف هو هدر للأموال وضياع لحقوق المواطنين من جهة، ومطرح من مطارح الفساد الواسعة التي يتكئ عليها البعض في تحصيل موارد شخصية على حساب فاتورة الدعم…