محمد شريف الجيوسي – كاتب أردني:
غلب طابع الاعتدال والخطاب الهادئ والمقنع والمنطقي على لغة الرئيس بشار الأسد في الحوار الذي أجرته معه “سكاي نيوز” عربي ، وبث مساء يوم الأربعاء الموافق 9 آب 2023 ، تاركاً في آن الكرة في ملاعب الآخرين، وتضمن الحديث الكثير من الرسائل واستحقاقاتها، فبالنسبة لتركيا فإن انسحابها من كامل التراب السوري هو المطلب قبل أي حوار أو لقاء، وعربياً بانتقال العلاقات من الشكلانية إلى الجوهر ، بعد العودة لجامعة الدول العربية.
الثقة بمستقبل أفضل في لغة الرئيس الأسد كانت واضحة، وهو لم يشأ كما في خطاب قمة جدة نبش الماضي، والتذكير بكل تفاصيله، بل ضرورة وضع الأسس السليمة لإنهاء الحرب والأزمة في حال رغب الذين شاركوا في العودة عما حدث، وبخاصة تركيا التي ماتزال تمول وتدعم وتحتل أراضي عربية سورية وتحاول بغباء مشهود شرعنة احتلالها لتلك الأراضي، موضحاً أن لا غاية لسورية في أي تأزيم للعلاقات عربياً، ولا مع الجيران (تركيا) في حال ارتدعت عن عدوانها المستمر.
وفي حديث الرئيس الأسد عن الأوضاع المعيشية الداخلية، أوضح واقع الحال، عبر إجاباته عن ملف اللاجئين السوريين وعودتهم إلى وطنهم بأن ما يعيقها ليس عدم رغبتهم أو عرقلة الدولة لعودتهم، بل حال الداخل السوري بما خلفته الحرب الإرهابية على سورية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة من أوضاع معيشية صعبة وانقطاع للكهرباء والطاقة والمياه ونقص في المساكن ومنع للاستثمار في البنى التحتية السورية.
وبالتالي فإن ما يعقد معيشة السوريين وعودة اللاجئين منهم إلى وطنهم ، هو الواقع المصطنع المفروض على سورية ومايزال في بعض جوانبه، حيث سلة غذاء السوريين في المنطقة الشرقية ومناطق الثروات الأحفورية مازالت بأشكال مختلفة تقع سيطرة احتلالات أمريكية وتركية وبيد أداة واشنطن الانفصالية “قسد”، وبسبب وجود القواعد عير الشرعية كقاعدة التنف وغيرها يحرم السوريون منها.
وبعامة أوضح الرئيس الأسد أن الحلول المتجذرة النابعة من الداخل هي الضامنة للسلم الداخلي في أي بلد، وليس المفروضة من الخارج، التي تطرح قواعد مقلوبة، فالإطاحة بالأنظمة أو الرؤساء كما في ليبيا والعراق ، يقصد منه تخريب البلاد، وهو ما قصد منه في سورية لكنهم لم ينجحوا في تحقيقه.
ونوه الأسد بأهمية دور الأصدقاء والحلفاء كروسيا وإيران في انتصار سورية، لكن الدور الرئيس والعامل الحاسم في دفع الأذى والصمود وتحقيق الانتصار الناجز الكامل يتوقف على سورية الوطن شعباً وجيشاً ومؤسسات وقيادة.
بكلمات واضحة لم يتخف الرئيس الأسد وراء مفردات شعبوية وشعاراتية ولفظية ، ولم يمن النفس بما ليس هو ماثل في الواقع، لم يهدد أحداً ، لكنه أوضح الحدود التي تعيد الأمور إلى طبيعتها قبل الحرب الإرهابية على سورية ، وترك للآخرين حرية (الاختيار) وبهذا فإن سورية بشعبها الصابر الصامد المناضل العظيم فستتابع طريقها، حتى النصر دون تفريط ولا عدوان.
