“فيا آراب”.. عربيّ البذار عربيّ الجنى
افتتاحية الثورة- بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة
ليس أدب المهجر وحده أدباً عربيّ البذار، عربيّ الجنى، وليس وحده من حملته الرياح إلى العالم الجديد فزكا في كل تربة، وأينع تحت سمائها أدباً عالمياً فريداً، من البرازيل إلى فنزويلا وصولاً إلى آخر بلاد في المهجر، ليس كل هذا وحده كان في الأميركيتين من السوريين الذين وصلوا إلى آخر نقطة في الأرض.
بل كان رواد هذا الأدب الفريد، السوريون المهاجرون إلى شمال القارة وجنوبها أنفسهم -الذين غادروا وطنهم الأم نتيجة ظلم الاحتلال الفرنسي وقبله العثماني-، كانوا سفراء سورية إلى العالم، وظل حنينهم إلى أهلهم وترابهم، يقاسمهم لحظات العمر كله، إلى أن ورّثوا تلك العواطف إلى أبنائهم وأحفادهم، مع أن المسافات أبعد من أن تصدق، فهم في نصف الكرة الآخر.
أثبتوا في البلدان التي هاجروا إليها أنهم المخلصون في العمل وفي الأخلاق، وسطّروا دروساً للعالم في الإبداع في كل ميادين السياسة والأدب والاقتصاد ومناحي الحياة الأخرى، وظل أهلنا في الداخل السوري يعلّمون أبناءهم في مدارسهم ذاك الأدب الرفيع لجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة والقروي وشفيق معلوف وغيرهم الكثير، حتى حفظ الأبناء أسماءهم وشعرهم وأدبهم، ربما أكثر من الشعر الجاهلي نفسه.
اليوم “فيا آراب” تجمعهم مع وطنهم الأم سورية، وأعضاؤها في دمشق يحاورون ويعقدون مؤتمرهم، يبحثون عن الاستثمار، وقبله عن كل ما يمتن العلاقة بين المغترب وأهله ووطنه وثقافته، وطرح كل فكرة حول الهدف الذي نبغيه، هنا وهناك في بلاد المهجر.
مؤتمر “فيا آراب” اليوم في دمشق يشكل رافعة أساسية لكل جهد مبذول مع بلدان الاغتراب، وجسراً لتعزيز التواصل بهدف شرح حقيقة ما يجري في سورية من إرهاب واحتلال وحصار ظالم وعقوبات جائرة، وبهدف فضح الإعلام الأميركي والغربي الذي يزيف الوقائع ويروج للأكاذيب.
وهو فرصة ثمينة لنقل رؤية الشعوب المظلومة حول بناء عالم جديد، ينتهي فيه الاستعمار، وتتراجع فيه قوى الهيمنة والسيطرة، عالم متعدد الأقطاب يحترم الإنسان وحقوقه وآدميته.
وهو فرصة لإقامة أفضل العلاقات بين سورية ودول أميركا اللاتينية وشرح الأبعاد الخطيرة لحصار السوريين وتجويعهم أمام حكومات تلك البلدان وشعوبها وأحزابها، وفضح المخططات الأميركية والغربية والإسرائيلية وأساليبها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية لتقسيم المنطقة وتفتيتها وقتل شعوبها.
اليوم “فيا آراب” بكل ما تضمه من أبناء الجاليات السورية تحديداً والعربية عموماً في بلدان الاغتراب تتمسك أكثر بعروبتها ورسالتها، وبالتواصل مع أوطانها الأم أرض الآباء والأجداد، في سورية ولبنان وغيرهما، وتطوير كل أشكال التعاون بين دولهم وحكومات البلدان التي يعيشون فيها، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمار الاغترابي في سورية للمساهمة في إعادة البناء والإعمار بعد حرب ظالمة أكلت الأخضر واليابس.