عدّلتْ تلك الفكرة المتمثلة بمصطلح (الثالثية الرقمية) قناعتها، فيما يخصّ التواصل الافتراضي “التواصل عن بعد”.. وربما قلبتْ وغيّرت كل قناعتها حين استشفّتْ الحالة الإيجابية التي أرادها منها وتقصّدها الباحث وعالم الاجتماع “خواكين لينّي” في كتابه (إعادة اختراع الحبّ).
يبدو أن الشاعر الفرنسي آرثر رامبو كان صاحب نبوءة حين قال: (إن الحبّ يجب أن يُبتكر من جديد).. و”لينّي” يعيد اختراع الحبّ وفق الرائج رقمياً.. أليس كلّ واحد منا يعيد اختراعه بمقاييسه الخاصة.. ووفق رقميات تكتسح يومياته وتُعيد انتشاله من واقعٍ يقوم بتشكيله بحسب مزاجٍ هجين.. مختلط.
تماماً.. هي الكلمة المرادة “هجين”.. فمزاجها هجين.. ومختلط.. ما بين انزياحات تتماوج بشيء واقعي وآخر “رقمي”.
والآن تعجبها فكرة “الثالثية الرقمية” التي أوجدها “لينّي” وأراد بها التعبير عن الامتداد العاطفي الرقمي، لكن هو في الحقيقة “ما بعد رقمي”.. أي الامتداد اليومي الحياتي للروابط التي نشأت بوسيلة “رقمية”.. أو (البصمة) التي تتركها العلاقات “الأونلاين” فيما بعد انتهائها.. وحتى إن لم تنتهِ يبقى لها تأثير واقعي وذهني.
بدا لها كل ذلك نوعاً من إعادة تشكيل هويتنا العاطفية.. وأن ما نعتقد أنه يموت ويتلاشى يبقى في “بعدٍ ثالث” ذي أصل “رقمي”.
أغرتها حالة (الوجود الثالث) الذي يخلق لنفسه بُعداً بمساحة خاصة، فما بين الحياة الواقعية والأخرى المتمثلة ذهنياً بالذاكرة ثمة حياة كاملة تتمدد وتنتعش في حضورنا (الرقمي).. وضمن تشابك هذه “الوجودات” كلها، يُبتكر الحبّ من جديد.
للصّلات “الرقمية” قوة خفية تتسلل إلى “لاوعينا”.. فتفعل فعلها، كما لو أن لها أثراً مضاعفاً بديلاً عن كل الصّلات الواقعية.. ويبدو أنها كذلك لأنها تفسح مجالاً لإعمال الخيال وتشغيل محفزات التخيّل عند طرفي التواصل (الرقمي).
هل صرنا نعيش في ثلاثة أبعاد فعلاً.. أم إن البعد الثالث “الرقمي” ابتلع الآخرين..؟