تعد مذكرة التوقيف الدولية الفرنسية الجديدة، بحق المخلوع بشار الأسد، رسالة قوية من القضاء الفرنسي بضرورة تطبيق العدالة الدولية على الجرائم التي ارتكبها رأس النظام البائد بحق السوريين، وهي تسلط الضوء من جديد على الدور البشع الذي لعبه المخلوع، في قمع شعبه باستخدام أسلحة محظورة ومحرمة دولياً، ومنها الأسلحة الكيميائية.
وتأتي التحقيقات القضائية في فرنسا، كخطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الدولية، إذ تم من خلالها تحميل المخلوع مسؤولية استخدام الأسلحة الكيميائية ضدّ المدنيين، وهي جريمة لا يمكن أن تسقط بالتقادم، مهما مرّ الزمن.
المذكرة الفرنسية تحمل في طياتها رسالة قوية بأن الجرائم لا يمكن أن تمرّ دون محاسبة، وإصدارها في هذه الفترة يعتبر تذكيراً صارخاً بأن العدالة لا تزال ممكنة، حتى إذا تأخر تحقيقها، غير أنه لا بد من التأكيد أن هذه الإجراءات القضائية ليست سوى خطوة صغيرة على طريق طويل، نحو محاسبة الأسد وكل من شارك في ارتكاب الجرائم ضدّ الإنسانية.
اليوم، ومع صدق النوايا التي يبديها القضاء الفرنسي، وأمام التحديات الكبرى التي تواجه تنفيذ هذه المذكرات على أرض الواقع، حيث رئيس النظام المخلوع، يتمتع بلجوء في روسيا، ويعتبر محصناً إلى حد كبير من المحاكمات الدولية، يحضر السؤال: هل يستطيع النظام الدولي أن يفرض العدالة بشكل عملي، أم أنه يبقى أسير الاصطفافات السياسية.
وأمام هذا المشهد الدولي المليء بالمتناقضات، تحضر أسئلة أخرى، متى تسهم هذه المذكرات العادلة في دفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الأسد؟، أم ستظل هذه الإجراءات مجرد أوراق رسمية تظل معلقة في مكاتب القضاة الفرنسيين، دون أن تُحقق العدالة الملموسة التي يتوق إليها الشعب السوري؟.