ما زال اتحاد كرة القدم يعيش في ظلال مرض مزمن اسمه الفردانية، ذاك الداء الذي يحول مؤسسة كاملة إلى ملعب يتحرك فيه شخص واحد كما يشاء، يعين ويعزل وفق مزاجه وكأن الاتحاد ملك خاص لا يسأل صاحبه عما يفعل.
المفارقة أن هذا الشخص يقيم خارج البلاد، لكنه حاضر بكل ثقله عبر شبكة من “المنفذين” الذين ما زالوا على مقاعدهم، رغم أن الاتحاد منحل رسمياً وقيد التشكيل بعد انتخاب الجمعية العمومية.
والسؤال الذي يتردد في أذهان الجميع، إذا انتهت صفتهم القانونية ولا رواتب تدفع، فما الداعي للبقاء؟ أم أن الكراسي أصبحت مكسباً بحد ذاتها؟ أما حجة “تسيير الأمور” التي يرفعها البعض لتبرير هذا الوضع، فهي ذريعة واهية، فالاتحاد لا يدار بالنيات الحسنة، بل بالشرعية والوضوح، والمطلوب اليوم إعادة تشكيل الاتحاد على أسس سليمة تكسر نمط التحكم والولاءات السابقة التي كبلت كرتنا لسنوات.
ويتداول في الشارع الكروي حديث عن مناقصة مشبوهة جرى فيها تعيين صحفي، في خطوة تثير الريبة أكثر مما تطمئن، إذ تتحول مثل هذه التعيينات إلى غطاء لتسريب المعلومات والأرقام.
وإلى أن يحدث التغيير المنتظر، يواصل “صاحب الظل القصير”-وليس الطويل كما في الرواية الشهيرة – لعبته المفضلة محاولاً إدارة الاتحاد من بعيد، عبر شبكة من الأتباع والمستفيدين الذين يمدون له أذرعاً في كل زاوية، وكل من يقرأ هذه السطور يعرف تماماً عن من نتحدث، ويعرف سجله الحافل بالفساد، بل وها هو اليوم يضع مرشحين يدينون له بالولاء ضمن إحدى القوائم المتصارعة على قيادة الاتحاد. لكن الحقيقة بسيطة، الظل لا يطول إلا حين تغيب الشمس، وشمس التغيير بدأت تشرق، وإن كان للفساد ظل فحتماً هو قصير جداً ولن يطول.