الثورة – فاتن دعبول:
بحضور لافت ضاقت به قاعة محاضرات مركز ثقافي “أبو رمانة” وقع د. أيمن أبو شعر كتابه “حمزاتوف بين جبال داغستان وقاسيون” الذي يحكي عن خصال الشاعر حمزاتوف ودراسة مكثفة لخصائص شعره عبر نماذج من أشعاره في مختلف المجالات “السياسية، الوجدانية والإنسانية” وعمق الحكمة التي تمس جوهر الإنسان، كما نجد في الكتاب ترجمة لمختارات متنوعة من قصائد رسول حمزاتوف تمثل معظم المواضيع المفضلة لديه.
فعل إنساني بامتياز..
ورافق توقيع الكتاب ندوة حوارية أدارها الدكتور ثائر زين الدين والذي بين أهمية ترجمة الشعر إلى العربية وخص ترجمة د. أيمن أبو شعر لقصائد حمزاتوف بمعظم حديثه، وأهم ما امتازت به هذه الترجمات.
وأوضح الدكتور زين الدين أن ما يميز أبو شعر أنه شاعر جميل في لغته العربية، قبل أن يتقن الروسية جيدا، ومن ثم قرأ الشعر الروسي بمحبة، وعاش في البلاد التي أنتجت ذلك الشعر، فكان من أقدر الناس على ترجمته إلى العربية ونقله من شعر روسي جميل، إلى ما يعادله جمالا في العربية.
كما أنه عرف عادات الروس وتقاليدهم ما مكنه من نقل تلك النصوص دون أن تفقد شيئا من عمقها وجمالها وبعدها الروحي، واستطاع أن يترجم شعر حمزاتوف إلى العربية بتلقائية وأريحية دون التأثر بحبه وتعلقه بلغته العربية الأم، حتى أن من يقرأ ترجمته يشعر بأنه أمام الشاعر نفسه.
ورأى د. زين الدين أن الترجمة هي شكل من أشكال الاعتراف بالآخر، وهي فعل إنساني بامتياز، وهذا ما اتضح عند أيمن أبو شعر الذي لا يتسامح مع أي تحيزات قومية في هذا الشأن، وهو ما ينسجم مع واقع الترجمة عنده.
سيرة ذاتية
وفي مداخلته توقف د. راتب سكر عند كتاب” حمزاتوف بين جبال داغستان وقاسيون” للدكتور أيمن أبو شعر، وبين أن الكتاب جاء في ثلاثة فصول، عني الفصل الأول منه بسيرة حمزاتوف عبر إطلالة عبثية لواقع عالمي محدد جوهريا بثمانينات القرن العشرين وما شهده من عواصف ومتغيرات عالمية.
واهتم الفصل الثاني من الكتاب بسمات شعر رسول حمزاتوف فنيا وموضوعاتيا وفكريا وقصائده التي تعبر عن الهم العربي الذي كان الشغل الشاغل للمؤلف، وخصوصا القضية الفلسطينية.
بينما خصص الفصل الثالث من الكتاب لقصائد حمزاتوف بترجمة أيمن أبو شعر إلى العربية، والتقاء الشاعرين في بعض القضايا الوطنية التي كانت تشغلهما، وتحدث أيضا عن زيارة حمزاتوف إلى سورية ولقائه الجاليات من الداغستان والشركس الذين يعيشون كمواطنين سوريين وبعضهم استشهد دفاعا عن الوطن، وظهر منهم بعض الأدباء المهمين.
تكريم رائع
ولم يكن حضوره مصادفة كما صرح نيكولاي سوخوف مدير المركز الثقافي الروسي، بل لحضور هذا التكريم للشاعر الروسي رسول حمزاتوف الذي يتم الاحتفاء بالذكرى المئوية لولادته، وترجمة الكثير من أعماله إلى العربية، وهذا شرف نعتز به، وهناك ترجمات عديدة لمترجمين في لبنان والعديد من الدول العربية.
وثمن بدوره الجهود التي تبذل من قبل المترجمين وخصوصا الشاعر أيمن أبو شعر الذي التقى حمزاتوف وتعرف عليه عن قرب، فكانت لترجماته حضور خاص.
حمزاتوف قاصا مبدعا
وبين د. أيمن أبو شعر أن الشاعر رسول حمزاتوف اشتهر عالميا كشاعر مميز، لكنه في الحقيقة لا يقل إبداعا وشاعرية في سرده المميز، واختار بدوره بعضا من قصصه التي جاءت في سياق كتابه الشهير” داغستان بلدي” وخصوصا في حكايته عما جرى معه شخصيا في الجبال، وقرأ قصة” الكلاب التي تعض” حيث يتحدث فيها حمزاتوف عن حادثة حقيقية جرت معه عندما شعر أن دربه الإبداعية ستكون مليئة بالأشواك والمصاعب، كلما ازدادت شهرته.
كما قرأ بعضا من نتاجاته القصصية والشعرية المهداة لمئوية حمزاتوف، مثل قصة” السوق” وقصة” لتدفئة السرير ليس إلا” وأيضا قصة” الحل في وادي الصخرة”
ومن قصيدته” لو ألف رجل” نقتطف:
إن كان في هذا العالم ألف من الرجال، يمضون نحوك كيما يخطبونك
فاعلمي أن بين هؤلاء الرجال الألف، موجود أنا رسول حمزاتوف
إن كان هناك مئة من الرجال، مأسورين بحبك ودماؤهم هادرة، ليس صعبا أن تلمحي بينهم
الجبلي الذي يدعى رسول.
قصائد مغناة
واحتفاء بالذكرى المئوية لميلاد الشاعر والأديب السوفييتي الروسي الداغستاني رسول حمزاتوف غنت الفنانة لانا هابراسو بعض قصائد أبو شعر من مثل” دفي مزهري” وأغنية” عودة حبيب” وهي تحكي قصة حبيبة انتظرت حبيبها الذي كان يدافع عن الوطن ضد الغزاة، وعاد إليها شهيدا متحولا إلى سحائب تروي نهر الحياة كي لا ينضب الوطن، وأغنية عن دمشق والتي تعبر عن عشقه لبلاده، وهذه القصائد من ألحان الفنان معن دوارة.
كما غنت للشاعر حمزاتوف قصائد” الغرانيق” وهي من أشهر قصائد حمزاتوف وقد أصبحت واحدة من أهم أغنيات يوم النصر على الفاشية.