لميس عودة:
لا نجافي الحقائق إن قلنا إن “إسرائيل” المارقة على القانون الدولي اغتالت منذ عقود برصاص تماديها على الشرعية الدولية الدور المنوط والمفترض بالمنظمات والمؤسسات الأممية وفي مقدمتها مجلس الأمن، وداست وتدوس بعنجهية على مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان جهاراً وعلى الملأ الدولي دون خشية من مساءلة أو محاسبة أو تجريم، طالما أن الهيئة الأممية مكبلة بقيود أميركية غربية وعاجزة عن استصدار قرارات ملزمة تردع مجرمي الحرب الصهاينة، وطالما أن كيان الإرهاب يستند على فيتو أميركي يقف بوجه استصدار أي قرارات نافذة الفعالية توقف الوحشية الإسرائيلية المرتكبة بحق الفلسطينيين.
قرارات عديدة أصدرتها الأمم المتحدة أقرت فيها أن “إسرائيل” احتلت الأراضي الفلسطينية وشردت شعبها وتستكمل للحظة الراهنة حلقات سرقة وقضم مزيد من الأراضي الفلسطينية بتوسيع رقعة الاستيطان غير الشرعي وتمارس تطهيراً عرقياً بحق أصحاب الأرض الحقيقيين الرازحين تحت نير عدوانها ومقصلة الخنوع الأممي، هذه القرارات بقيت حبيسة الأدراج لم يسر مفعولها على الأرض ولم تعرف طريقها للتنفيذ بخطوات وإجراءات ملموسة تعيد حقوق الفلسطينيين التاريخية بأرضهم وترفع الضيم عنهم وتوقف العربدة العدوانية الإسرائيلية.
ما يجري في غزة منذ أكثر من أسبوعين من سعار إسرائيلي عدواني وقصف عنيف واستهداف ممنهج للمباني السكنية والمدارس والمشافي وسيارات الإسعاف والتدمير الهمجي للبنى التحتية باستخدام أسلحة محرمة دولياً على مرأى من مجلس الأمن الذي فشل في إصدار قرار يوقف وحشية العدوان الإسرائيلي الذي يستبيح حرمة الإنسانية في غزة، يؤكد مجدداً أن مجلس الأمن كما غيره من الهيئات الأممية رهين السطوة الصهيو- أميركية ويكيل بمكيال أميركي ويمارس ازدواجية صارخة.
نحو خمسة آلاف شهيد ارتقوا في غزة بينهم أطفال ونساء وكبار سن وآلاف الجرحى ضحايا الإرهاب الصهيوني كحصيلة أولية على عداد صناعة الموت الإسرائيلية، وصنيعة هيستيريا آلة حربه التي تستهدف الإنسانية في مقتل الخنوع الأممي، إذ تمشي “إسرائيل” على جثة المواثيق الأممية والإنسانية وتركل بكل استخفاف قوانينه وتعري أكاذيب حقوق الإنسان التي تتشدق بها الدول الغربية.
فمن ثقوب التواطؤ الأممي تتسلل العربدة الصهيونية لارتكاب المجازر ومن عيوب تلاشي فعالية قرارات الأمم المتحدة الملزمة، وتلاشي دور مجلس الأمن المعني بوضع حد للانتهاكات الصارخة وردع مجرمي الحروب، يتسرب الإرهاب الصهيوني.
ففي ظل الهجمة العدوانية المتواصلة على غزة منذ أكثر من أسبوعين فشل مجلس الأمن مرة أخرى في إصدار قرار يوقف نزيف الدم الفلسطيني أو حتى إدانة ما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية من جرائم إبادة جماعية للفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، إذ تصدى الغرب المنافق الذي يتبجح بحقوق الإنسان وفي مقدمتهم أميركا لمشروع قرار صاغته روسيا يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة وإيصال مساعدات عاجلة وإجلاء آمن للمدنيين المحتاجين، وأيدت مشروع القرار الروسي الصين والغابون وموزامبيق وروسيا والإمارات العربية المتحدة، وعارضته فرنسا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
فاسيلي نيبينزيا الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة أعرب عن أسفه لفشل مجلس الأمن في تبني القرار نتيجة أنانية الكتلة الغربية التي “سحقت بشكل أساسي الآمال العالمية” مؤكداً أن التصويت” كشف عن الدول التي تدعم إنهاء العنف وتقديم المساعدات الإنسانية، وتلك التي تمنع رسالة موحدة “لمصالح أنانية وسياسية بحتة.”
المطالبات لمجلس الأمن بوضع حد للعربدة الإسرائيلية ووقف المجازر التي يرتكبها العدو لم تتوقف منذ بدء العدوان، حيث طالبت المجموعة العربية بالأمم المتحدة بضرورة أن يضطلع مجلس الأمن بدوره المفترض بوقف العدوان الغاشم على غزة وردع الاحتلال كما طالب السفير الفلسطيني بالأمم المتحدة رياض منصور أيضاً مجلس الأمن بعد المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني في مشفى المعمداني بالوقف الفوري لإطلاق النار والعدوان على الفلسطينيين محملاً مجلس الأمن مسؤولية المجزرة المروعة بتخاذله عن نصرة الشعب الفلسطيني وخضوعه للمشيئة الأميركية الغربية بقوله: “لو كان مجلس الأمن قد تحمل مسؤوليته لكان بالإمكان وجود هؤلاء الضحايا معنا أحياء بدلاً من أن يكونوا أشلاء”.
إخفاق مجلس الأمن هذا يضاف إلى سلسلة طويلة من الإخفاقات للأمم المتحدة ومنظماتها المعنية باتخاذ قرار ملزم للعدو الإسرائيلي بوقف ممارساته العدوانية أو تطبيق قرارات سابقة متعلقة ببطلان الاحتلال ووجوب زواله، والبدء بتنفيذ خطوات عملية تساهم في تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بوجوب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتأمين حماية للشعب الفلسطيني.