استهداف قطر.. ألم يحن الوقت لتفعيل استراتيجية عربية دفاعية؟!

الثورة- عبد الحليم سعود:
يبدو أن الحكومة اليمينية الإسرائيلية بقيادة المتطرف بنيامين نتنياهو قد أصابها الغرور والتهور، بعد سلسلة من الاعتداءات الغاشمة على عدد من دول المنطقة ولم تواجه بالرد المناسب والرادع، إذ اعتقد قادتها أن بإمكانهم ارتكاب أي حماقة دون أن تطالهم المساءلة أو يد العدالة الدولية.
فما جرى بالأمس من اعتداء غادر على دولة قطر الشقيقة يشكّل تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء في العلاقات بين الدول، كما يشكّل طعنة للقانون الدولي والإنساني، فدولة قطر عُرفت بالاعتدال والقيام بأدوار الوساطة لحل العديد من مشكلات المنطقة، وهي تقوم منذ فترة طويلة بدور الوساطة من أجل التوصل إلى حل سياسي لقضية الأسرى عند حركة حماس في قطاع غزة، ولذلك فإن استهدافها بهذه الطريقة وبذريعة القضاء على قيادة حماس، يعتبر اعتداءً على دور الوسيط السلمي- و”إسرائيل” لها سابقة باغتيال وسطاء السلام -والكونت برنادوت خير مثال على ذلك- ما يشكل أعلى درجات الحماقة والتهور والاعتداء على القانون الدولي والسيادة الوطنية لدولة ذات سيادة.
والأدهى من ذلك أن دولة قطر ليست في حالة حرب مع “إسرائيل” ولا تشكل أي تهديد عليها أو على أمنها، بل ثمة علاقات تجارية بين الطرفين، ومكتب لرعاية المصالح الإسرائيلية في الدوحة، وهذا يعني أن “إسرائيل” لا تقيم وزناً لعلاقات الصداقة أو التعاون مع الدول الأخرى، بل تقوم بتنفيذ أجنداتها الخاصة التي تخدم مصالحها الضيقة، وإن تعارض ذلك مع القانون الدولي أو أساء لعلاقاتها مع الدول الأخرى، ومن المفيد في هذا السياق أن نشير إلى أن “إسرائيل” سبق لها التجسس على الولايات المتحدة الأميركية في فضيحة مدوية رغم أن الأخيرة هي أكبر حليف وداعم “لإسرائيل”.
في العموم يمكن تفسير العدوان الإسرائيلي على قطر بأنه رفض لدور الوساطة الذي تقوم به الدوحة، في مسألة وقف الحرب على غزة وعودة الأسرى من الطرفين، وهي ترفض التفاوض مع حماس حول هذه القضية، وكل همها القضاء على حماس وعلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإن أدى ذلك إلى قتل الرهائن الإسرائيليين الموجودين بيد حماس، والذين تدّعي المطالبة بهم والحرص على حياتهم.
تؤكد “إسرائيل” بخطوتها العدائية تجاه قطر بأن لا صديق لها في المنطقة حتى ولو كان بينها وبينه علاقات دبلوماسية أو تجارية، وأن السلام في المنطقة هو آخر ما يعني إسرائيل، وأن الخليج العربي برمته مستهدف إسرائيلياً لأسباب عديدة، من بينها ثرواته النفطية وموقعه الحيوي في هذه المنطقة من العالم، وقد سبق لإرييل شارون أن وقف خلال غزو لبنان عام 1982 في قلعة الشقيف وقال: الآن بات الطريق ممهداً باتجاه الكويت، ما يعني أن الخليج العربي نفسه ليس بعيداً عن المشروع التوسعي الإسرائيلي المعلن من جهة نتنياهو تحت عنوان “إسرائيل الكبرى” وتغيير خارطة الشرق الأوسط، وهذا ما يجب أن تأخذه بالحسبان منظمة التعاون الخليجي ككتلة سياسية واقتصادية وازنة في المنطقة سواء في الجامعة العربية أو الأمم المتحدة.
إن اتساع مروحة العدوان الإسرائيلي لتطول منطقة الخليج العربي، بعد أن طالت في الآونة الأخيرة سوريا ولبنان واليمن، إضافة إلى الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، هو تهديد للأمن القومي العربي مجتمعاً، وأن لا محظورات أو خطوط حمراء أمام الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي يحتم صياغة استراتيجية دفاعية عربية سريعة لمواجهة التحديات الإسرائيلية المتزايدة.
وفي هذا السياق يجب أن تتضافر كل الجهود في الجامعة العربية، وكذلك في الأمم المتحدة من أجل ردع إسرائيل ولجم حماقاتها ووقف اعتداءاتها المتكررة، وإلا فإن المنطقة مقبلة على المزيد من الحرائق بفعل الغطرسة والتهور الإسرائيلي بعد أن كانت تتجه من حيث الشكل نحو التهدئة والسلام بحسب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
يخطئ من يعتقد أن عدوان الأمس على دولة قطر يستهدف فقط وفد حركة حماس أو قيادة الحركة، لأن استهداف المكان بحد ذاته له مدلول أعمق من استهداف الأشخاص، فالمكان هنا له رمزيته، ولاسيما حين يكون الحديث عن قطر ودورها كصانع أو وسيط للسلام، أو لمنطقة الخليج العربي باعتبارها أبرز منطقة استراتيجية رئيسية، ومصدراً لأكبر احتياطي عالمي من النفط والغاز.

آخر الأخبار
لا تعديل على الخبز التمويني .. ومدير المخابز يوضح لـ"الثورة" رغم وقف إطلاق النار.. غزة بين الحياة والموت التشبيح المخملي الذي جَمَّل براميل الأسد .. حين صار الفن أداة قتل الأمم المتحدة: إعادة بناء سوريا أمر حيوي لتحقيق الاستقرار  إعلان تلفزيوني يشعل الحرب التجارية بين ترامب وكندا مجددا  تحسين بيئة الأعمال شرط لتعزيز التنافسية  الاقتصاد السوري مبشّر ومغرٍ وعوامل نهضته بخطواتها الأولى  درع وزارة الرياضة والشباب.. بطولة جديدة تكشف واقع السلة السورية كأس الدرع السلوية.. الأهلي يُلحق الخسارة الأولى بالنواعير جامعة الفرات تناقش مشروع قانون الخدمة المدنية  بعد سنوات من الغصب والتزوير.. معالجة ملف الاستيلاء على العقارات المنهوبة حزمة مشاريع استراتيجية في "مبادرة مستقبل الاستثمار" بالرياض  رامي مخلوف.. من المال والاقتصاد إلى القتل والإجرام   بعد تضاعف صادراتنا.. مطالبات بتحديث أجهزة الفحص وتوحيد الرسوم توقيع اتفاق سلام كمبودي - تايلاندي لإنهاء نزاع حدودي التأمينات الاجتماعية تسعى لرفع الوعي التأميني لتحقيق أفضل الخدمات جدل حاد في "إسرائيل" حول مشروع قانون لإنقاذ نتنياهو دمشق ترسم معالم حضورها الدولي بثقة وثبات المشاركة السورية بـ"مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض".. خطوة محورية بمعركة الدبلوماسية والاقتصاد زيارة الشرع إلى الرياض.. ترسيخ سوريا الجديدة واستعادة دورها إقليمياً