ريم صالح:
لا يوجد جرحى بل كلهم شهداء.. وهناك عائلات بأكملها مسحت من السجل المدني.. هي عبارة تلخص المشهد الفلسطيني الحالي، وتبين المدى الذي بلغه الإجرام الإسرائيلي الذي يرتكب المجازر تباعاً واحدة تلو الأخرى.
جرائم حرب يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي عن سابق تصميم وترصد، ويرتقي فيها آلاف الشهداء والجرحى، ولتكون وللأسف الشديد غالبيتهم من الأطفال، وعلى مرأى العالم بأسره ولكن دون أن يحرك أحد ساكناً.
ويكفينا هنا أن نذكر بما قاله وزير الحرب الإسرائيلي المدعو يوآف غالانت بأنه وكيانه عازم على إبادة الفلسطينيين بعد أن مسح عنهم صفة الإنسانية ووصفهم بأنهم “حيوانات بشرية” ويجب بالتالي قطع المياه والكهرباء والغذاء والدواء عنهم بل يجب أيضاً قتلهم
وتشريدهم، يكفينا أن نحلل هذه الكلمات لندرك حجم الدموية والسوداوية القابعة في عقلية المحتل الإسرائيلي المتورمة بالإرهاب والنازية.
الطفل الفلسطيني كان على الدوام في مقدمة ضحايا الاحتلال الذي ضرب عرض الحائط بكل الاتفاقيات، والمعاهدات، والمواثيق، والقوانين الدولية التي تنص على حقوق الأطفال، وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل التي تنادي بحق الطفل بالحياة، والحرية، والعيش بمستوى ملائم، والرعاية الصحية، والتعليم، والترفيه، واللعب، والأمن النفسي، والسلام، فأين الطفل الفلسطيني من ذلك كله؟!.
كثيرة هي المجازر التي ارتكبها المحتل الإسرائيلي بدءاً من مذبحة دير ياسين واللد وكفر قاسم ومجزرة خان يونس ومذبحة الأقصى الأولى والثانية والثالثة ومجزرة جنين وصولاً إلى المجازر في غزة.
ففي غزة يواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف المنازل والمدارس والمساجد والكنائس والمخابز والمشافي وسيارات الإسعاف وذلك ضمن سياسة الأبارتهايد الرامية إلى إفراغ القطاع من مكونه الفلسطيني.
كثيرة هي المشافي التي استهدفها الاحتلال وليس مشفى المعمداني في حي الزيتون وسط غزة وحده من كان تحت مرمى الإرهاب الإسرائيلي، وإنما كانت هناك مستشفيات بيت حانون والدرة والكرامة والعيون الدولي حتى مدارس الأونروا لم تسلم من الغدر الإسرائيلي ليرتقي أيضاً مئات الشهداء أكثر من ٧٠٪ منهم من الأطفال.
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية فقد ارتكب الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 574 مجزرة بحق عائلات فلسطينية في القطاع راح ضحيتها 3600 شهيد وصلوا إلى المستشفيات بينهم ١٦٦١ طفلاً و١٣ ألف جريح، بينما الآلاف منهم ما زالوا تحت الأنقاض وأيضاً معظمهم من الأطفال والنساء.
لكننا لا نستغرب ذلك لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما سبق ووثقته المؤسسات الحقوقية للدفاع عن الأطفال في فلسطين والتي أفادت باستشهاد ٢٢٧٠ طفلاً على يد قوات الاحتلال منذ عام ٢٠٠٠ أي مع بدء انتفاضة الأقصى وحتى عام ٢٠٢٣ إلى ما قبل ملحمة طوفان الأقصى منهم ٥٤٦ طفلاً فلسطينياً خلال عام ٢٠١٤ ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر الشهيد الطفل محمد الدرة الذي استهدفه جنود الاحتلال وهو يحتمي بحضن والده في شارع صلاح الدين بالقطاع عام ٢٠٠٠ والرضيعة إيمان حجو التي استشهدت في قصف دبابات الاحتلال لخان يونس عشوائياً عام ٢٠٠١ وأيضاً الشهيد محمد أبو خضير بعد أن اختطفه المستوطنون وأحرقوه وكذلك الشهيد الطفل محمد هيثم التميمي ذو العامين ونصف بعد أن استهدفته قناصة الاحتلال وهو يلعب بباحة منزله.
وفي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار عام ٢٠٢١ والذي استمر ١١يوماً كان الأطفال الفلسطينيون في رأس قائمة بنك الأهداف الإسرائيلي حيث ارتقى نحو ٧٢ طفلاً جراء قصف الطائرات الإسرائيلية لمنازلهم بكل وحشية لدرجة أن بعض العائلات أبيدت بكاملها رجالاً ونساء وأطفالاً كعائلة أبو حطب وأبو عوف واشكنتنا وعائلة القولق.
مجازر الإسرائيلي لم تقتصر على الأطفال الفلسطينيين وإنما أيضاً لا يسعنا هنا إلا الإشارة لمجزرة بحر البقر وذلك عندما قصفت طائرات إسرائيلية من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر ما أدى إلى استشهاد ٣٠ طفلاً حينها وإصابة ٥٠ آخرين وتدمير المدرسة تماماً.