الثورة – عبد الحميد غانم:
تشهد البيئة الاستثمارية في سوريا تطورات مهمة وسط تحديات جمَّة، إذ بدأت خطوات التنفيذ الفعلي لمشاريع كبرى واتفاقيات استثمارية بشراء المليارات.
حول متطلبات المستثمرين وتطلعاتهم، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور زياد عربش أن البيئة الاستثمارية في سوريا، وخاصة في القطاعات الإنتاجية، بدأت تشهد خطوات عملية نحو التنفيذ، على الرغم من التحديات التي تواجهها، مشيراً إلى أن مجموع اتفاقات الاستثمار الموقع حديثاً تجاوز 28 مليار دولار، مع تركيز خاص على اتفاقات بين سوريا وجهات إقليمية مثل قطر والسعودية، إضافة إلى مشاريع في مرافئ طرطوس واللاذقية.
حالة المشاريع الاستثمارية
أوضح د. عربش أن هناك شركات بدأت فعلياً في مواقع المشاريع، وتوظيف مديري مشاريع وفنيين، ولكن لا تزال هناك شركات تفتقر إلى الجدية في استكمال المراحل الاستثمارية، إلى جانب المشاريع الجديدة، هناك معامل قديمة لا تزال تعمل، ورغبة متجددة للاستثمار من قبل المغتربين السوريين والعرب والمستثمرين الدوليين.
ورصد أن المناخ الاستثماري يعاني من مشكلات في قطاعات أساسية مثل الكهرباء، مشيراً إلى أن البيئات التحتية اللازمة للاستثمار تشمل خطوط إنتاج، وموارد طاقة، وسياقاً تنظيمياً متكاملاً.
كما أشار إلى أهمية القطاعات المالية والمصرفية والنقدية في دعم الاستثمار، موضحاً أن عملية فتح وإدارة الاستثمارات تحتاج إلى تنظيم تقني وبشري وبيئي.
القوانين والتشريعات
وأكد د. عربش أن قانون الاستثمار الجديد وفر حوافز مهمة، لكن تنفيذها يتطلب تعاوناً بين الأطراف المختلفة، مشيراً إلى وجود اتفاقات دولية ثنائية، مثل: الاتفاقيات السورية- السعودية التي توفر حماية قانونية للاستثمارات، كما بين الحاجة إلى تحديث القوانين القديمة وتفعيل بيئة تطبيقية حديثة، مثل صندوق التنمية الاقتصادية ووزارة السياحة والمؤسسات المالية التي أُنشئت مؤخراً لدعم الاستثمار.
ونوّه د. عربش إلى أن تطور النظام المصرفي ضروري لتحريك رؤوس الأموال، لافتاً إلى صعوبة سحب الأموال وتحويل الأرباح والمعاشات بسبب قيود النظام المصرفي الحالي.
وشدّد على ضرورة وجود بيئة مصرفية قانونية واضحة وسياسة اقتصادية مستقرة لمساعدة المستثمرين على العمل بحرية.
الشفافية وحوكمة الاستثمار
أشار إلى أن المستثمرين لا يبحثون فقط عن مزايا مالية، بل عن شفافية في الإجراءات وتخفيف التكلفة، ودعا إلى حوكمة سريعة لإصلاح النظام الاستثماري بطرق حديثة، بعيداً عن الأساليب التقليدية، ومعاملة عادلة تحفظ حقوق المستثمرين المحليين والأجانب مع الحفاظ على مصلحة الاقتصاد الوطني.
يؤكد د. عربش أن بيئة الاستثمار في سوريا تشهد تطوراً ملحوظاً بفضل الاتفاقيات الضخمة والإصلاحات التشريعية، لكنها تحتاج إلى إصلاح شامل للبنية التحتية الاقتصادية، والمالية، والقانونية، إلى جانب تعزيز الشفافية وحوكمة فعالة لضمان استقرار وجاذبية الاستثمار. دعم وزارة الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية والتنموية الجديدة يشكل خطوة إيجابية نحو تحقيق هذا الهدف، ما يفتح آفاقاً واعدة أمام الاقتصاد السوري في المستقبل.
وعليه، تمثل البيئة الاستثمارية في سوريا مرحلة حاسمة نحو إعادة البناء والتنمية الاقتصادية، حيث تبرز فرص واعدة تتطلب استثمار الجهود في تطوير التشريعات والبنية التحتية المالية والقانونية.
يبقى النجاح مرهوناً بمدى قدرة الجهات المعنية على تنفيذ الإصلاحات وتحقيق حوكمة شفافة تسهم في تهيئة مناخ استثماري عادل ومستدام، يدعم نمو الاقتصاد المحلي ويعزز دور سوريا كمركز جاذب للاستثمارات العربية والعالمية.