الثورة – ظافر أحمد أحمد:
ما من متابع للحدث الفلسطيني إلاّ ويكتشف الألم الفلسطيني، وكارثة الدم النازف بسبب الوحشية الإسرائيلية، ولكن تتوافر أبعاد شديدة الأهمية يتوجب فهمها في التعمية على الألم الإسرائيلي وهشاشة كيان الاحتلال الاستيطاني، ويجب الإمعان جيداً في تضييق منقطع النظير يقوم به الكيان الإسرائيلي على مستوطنيه وإعلامه وإلإعلام الدولي ووسائل التواصل الاجتماعي وشتى أشكال الميديا بشأن نقل حقائق الواقع الإسرائيلي ما بعد عملية طوفان الأقصى.
المقولة الوحيدة التي يفضلها الكيان الإسرائيلي في شؤون الحرب الحالية هو أنّه ضحية اعتداء، وأنّ (السيادة الإسرائيلية) في خطر ويستوجب ذلك منه سحق المقاومة الفلسطينية التي يصنفها مع المنظومة الغربية بأنّها إرهاب.
في تجربة حرب غزّة وفي مجمل الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين وغيرها فإنّ الكيان الإسرائيلي يسوّق نفسه كمتغرطس، وهو يحتاج إلى هذه الصورة كحالة دائمة في ذهنية مستوطنيه إضافة إلى داعميه من المنظومة الغربية، وتعزيزها أيضاً في الذهنية العربية، والهدف من ذلك ألاّ يكشف أي حالة هشاشة يعاني منها، فمظاهر الهشاشة تجعل منه كياناً لا يستقطب يهود العالم، ولا يصبح مقصداً لهجرتهم، فهو كيان تشكل بالهجرة ويذوي بالهجرة المعاكسة.
كم من المفيد أن يتشبع العقل العربي بصورة واقعية عن هذا الكيان العنكبوتي وبما يختلف عن العاطفية التي كانت الذهنية العربية متشبعة بها بدايات الصراع العربي الإسرائيلي وتبنت مع كل مظاهر الضعف وبغياب مستلزمات القوة شعارات رمي (الإسرائيليين في البحر)، فكانت النتائج على مدار سنوات طويلة رمي مساحات عربية والبحر في حضن الإسرائيليين، وذلك لأنّ الذهنية العربية تشبعت بالوهن حتّى جاء درس طوفان الأقصى الذي يشكل بداية جديدة لإشباع العقل العربي بعناصر القوّة في مواجهة كيان غاصب يمكن قهره مهما تحشدت الأساطيل الغربية لحمايته.
حالياً الكيان الإسرائيلي في حالة تشبه الشلل العام، فاقتصاده في حالة صفرية، ومستوطنوه في حالة رعب وقلق وملاذهم الملاجئ، ويكثّفون من هجرتهم المعاكسة، والآلاف منهم (نازحون في الداخل الإسرائيلي)، فكم تحتاج الذهنية العربية إلى تعزيز مصطلح (النازح الإسرائيلي) عقاباً للاحتلال بدلاً من (الأدبيات السياسية والإعلامية العريقة) التي تعودت عليها بشأن النزوح واللجوء ك”صنعة” تخص الطرف العربي.
لا بد من تجسيد واجب عربي تجاه القضية الفلسطينية بما يقتضي التركيز على خسائر الكيان الإسرائيلي، في ذات الوقت الذي يتمّ تسويق مجازره بحق الفلسطينيين وتسويقه كعدو وحشي، والعمل الدعائي الإعلامي الممنهج الذي يفضح هشاشته، فالجمهور العربي بحاجة ماسة إلى أن يكتشف عناصر القوة العربية في مواجهة القوة الإسرائيلية التي تفرض شخصيتها على العقل العربي والسوق العربية وتسعى دون خجل إلى تحويل المنطقة العربية إلى شرق أوسط إسرائيلي القيادة والهوى والمصلحة.